المنصّة الحكومية

وهبي يتنازل عن صفته الوزارية ليدافع عن الحرية الفردية

59 / 100

قال عبداللطيف وهبي إن كان المغربُ يتطلّعُ اليومَ إلى أن يصبح قوة جذب للمالِ والأعمال، فإن تحديثَالقوانين المتعلقة بالأحوالِ الشخصية كفيل بتوفير المناخِ الملائمِ لتسريع وثيرةِ النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، وخلقِ بيئةِ عمل مُشجعة على الإنتاجِ والخلقِ والابتكار.

وأبرز خلال لقاء نظمه “مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة” مساء الثلاثاء 11 أبريل أن الحريات الفردية مصلحة وطنية تستجيب لمقتضيات الحداثةِ ولا تتعارض مع روحِ الدين الإِسلامِي؛ مردفا أن الإسلام والحداثة يشتركان في القيم العليا نفسها: الحرية، الكرامة، المساواة، العدل، العفو، المحبة، الرحمة، الحكمة،

وفي مستهل حديثه قال وهبي “ستنازل منهجيا ولو لبعض الوقت عن صفتي الرسمية كوزير للعدل، لكي أختبر فرَضِياتِي بِكل سلاسَة وأريحِية، وأتحَدث انطلاقا من الصفات التي ستعمر معي طويلا، بِاعتبارِي مناضلا سياسيا، ناشِطا حقوقيا، ومثقفا نقديا”. واستدرك “هذا التموقع الواسع والذي يتسع بكل أريحية للجميعِ يبقى هو الأقرب إلى قلبي من كل الألقاب الأخرى، وانطلاقا منه سأبسط رؤيتي التي أكافح من أجلها بكل قناعة واقتناع، وذلك بصرف النظر عن محاولاتي الجارية لتنزيلها في شكل مشاريع قوانين”.

وتابع أن “الحريات الفردية هي الجبهة الأساسية لمعارك التقدم.. ما يعيشه المغرب من تحولات اجتماعية عميقة يجعل الموضوع ليس من باب الترف، بل يتعلق بالانتقال الاجتماعي الذي يشهده المغرب”.

وقال إن التحولات التي عرفها المغرِب أدت إلى نمو ثقافة الحرية، وأحدثت استعدادا سوسيولوجيا وفكريا لاستِيعاب مفاهيمَ الحريةِ والاستقلاليةِ، “ولا يسعنا بالتالي إلا العمل على إعادةِ قراءة الدين والقيم بما يتوافق مع تلك المتغيرَاتِ والتحولاتِ، دون أي مصادمة مزعومة بين الحقوق الكونية والثوابت المحلية”.

وأوضح أن سعي الدولة الاجتماعِية إلى الحد من الفقر، ومحاربة البطالةِ، وتوفِير شروط صحية وتعليمِية للأفراد، تفتح أمام المواطنين مجالا لحقوق الثقافِيةِ التي لا تعني فقط حماية التعدد والتنوع في السلوكات الاجتماعية، بل تفرِض الاعتراف بأن كل شخصٍ يستطيع أن يشَيد ظروف حياته، ويساهم في تحسين جودة الحياة الاجتماعية، وفق الطّريقة التِي تجمع بين المبادئ العامة للتحديث و “الهويات الخاصة”.

ورأى أيضا أن أَهمية الدولة الاجتماعيَة التِي يدَشِنها المغرِبُ الْيَوْم، تَكْمُنُ  في سَن سِياسةٍ تمنح الإمْكانِيَاتِ الضرورِيَة لِتصبِح للفردِ حرية تقوي لديه المواطنةَ النشطة.

ووقف عند توسِيع الحريات الفرديَة في مشروع إِصلاحِ القانون الجنائي المغربي، معتبرا ذلك “انسِجام أولا مع التداعيات الاجتماعية التي تخلقها السياسة الاجتِماعية التي باشرتها الحكومة المغربية منذ اعتلائها القرار الحكومي بالبلاد”.

وأضاف أن الدفاع عن الحريات الفردية في مشروع القانون الجنائي، ليس من باب تقليد نمط حياة الفردانية، أو مجردَ تأثّر سطحي بثقافة الآخر ،بل هو دفاعٌ عن الواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه،وامتدادٌنوعيٌّ وحضاريٌّ لتاريخ أمتنا الإسلامية.

واستطرد أن تحسينَ وضع الحريات الفردية في مشروع القانون الجنائي المغربي يُعَدُّ ضرورةً تنموية تتجاوز السجالاتِ الفئوية هنا وهناك.

ثم انتهى إلى أن “المسلمون أجمعوا في سياق التديُّن الشعبي والفطري، على ضرورة إِرْجَاءِ أحكام الله للآخرة، وتركها لله حصرًا، تماشيًّا مع منطوق الخطاب القرآني الذي يقول، ]الله يَحْكُمُ بينكم يوم القيامة فيما كُنتم فيه تَخْتلفُون، كما يقول في موضعٍ آخر من كتابه العزيزثمّ إليَّ مَرجعُكم فأحْكُمُ بينكم فيما كُنْتُم فيه تَختلفون. بهذا المعنى الربّاني تكون التعدُّدية الدينية قدَرًا دنيويا لا رَادّ لَهُ، وبالتالي فإنّ التعددية الدنيوية تتبع القدر نفسه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى