معاذ أحوفير: ميداليات تخفي المآسي.. شكرا لكم أنتم وفقط!

رأي رياضي
معاذ أحوفير
على رفوف مقر اللجنة الأولمبية المغربية توضع ميداليات حقت لأصحابها، وحدهم لا منازع لهم عليها، وليس لأحد فضل فيها غير أفراد استرخصوا أرواحهم، وتحدوا احتياجاتهم، ورفعوا علم بلادهم، كما لم يفعل أي من حراس الرفوف.
11 تاجا على رأس وفد بارالمبي قاسى الويلات في طريقه نحو المجد، وسطر ملاحم من رحم المعاناة، ضدا على كل المعيقات، في تغاض تام عن ملايين الدراهم من المستحقات، متسلحين بطموح منقطع النظير، ٱتى ثماره ذهبا وفضة ونحاسا.
استأسد الرياضيون المغاربة في الدفاع عن اسم البلاد، بعد أن مرغته محافل دولية كسب روادها الملايير دون طائل، وامتزج فيها سوء الإدارة مع ضعف الإرادة، وخرجت بمحصلة صفرية.
سجل البارالمبيون مجموع ميداليات في النسخة الحالية، يعادل ما سجله “الأسوياء” في ٱخر 7 نسخ أولمبية، غير أن الخوض في المقارنات ظالم في حق أبطال جمعت مصائرهم بين الاحتياجات الخاصة، وأخرى عامة وأساسية، بلا مسكن ولا شغل قار ولا استقرار عائلي.
زهير سنيسلة العاطل عن العمل، تعطلت أمامه دفاعات 4 خصوم من مختلف القارات، وتزعم هدافي السيسيفوت ب8 سهام أصابت المرمى ببصيرته، وأخرى حال غياب البصر عن إصابتها، ليقود منتخب المكفوفين لأول ميدالية جماعية في تاريخ المشاركات الوطنية للصنفين معا.
رقم عالمي جديد في سباق 400 متر لذوي إعاقات الأطراف العليا، ورقم بارالمبي في رمي الجلة لمرضى الشلل الدماغي، ورقم بارالمبي في ماراثون ضعاف البصر، وغيرها من خيوط الفخر التي حاكها 36 رياضيا.
في مقابل العناوين العريضة البراقة، حرم المشاركون من مرافقيهم وتم تعويضهم بسياح غرضهم نزهة في طوكيو، وتعرض 4 متبارين لعدوى فيروس كورونا، أولاهن نجاة الكرعة بطلة رفع الأثقال، وٱخرهم هشام الحنين الذي تحامل على نفسه وأنهى سباق الماراثون بعيدا عن الأضواء، بعد ساعات من مغادرته للعزل الصحي.
لم تجد العمودي علما مغربيا للاحتفال بأول ميدالية برونزية، وعوضتها بغطاء شعر يحمل نجمة خضراء صغيرة كصغر طموح ممثلي الوفد، للأسف، لم يتوقعوا فوزها وخاب ظنهم، واختلطت دموع الفرحة وصرخات “الحكرة” على مسمع ومرأى الملعب الأولمبي.
كافحت النوغي ل35 كيلومترا في ماراثون ضعاف البصر، وأكملته 9 عداءات ينتمين لبلدان تملك مرافقا، لتذكرنا بأن اللجنة المنظمة في طوكيو طردت المرافقين “المفترين”، وأن اللجنة الأولمبية المغربية رفضت في بادئ الأمر أن تسمح بحضور من اقترحهم الأبطال المغاربة.
تعلمنا أن الذي يزرع سيحصد، وأن لكل مجتهد نصيب، لكننا عايشنا أبطالا زرعوا واجتهدوا ثم حوربوا، ممن ؟، من القائمين على الرياضة والفاعلين بداخلها، والمتحكمين في دهاليز صناعة الفشل، ولعلهم يتألمون من وقع انتصار لم ينسب لهم، لأن الكل بات يرفع شعار “عطيوهم رزقهم”.
ملاحم تعد بالعشرات، عرفنا منها البعض وجهلنا الٱخر، وخلف كواليس ابتسامة التتويج ودموع الإخفاق، اختبأت مشاعر اليأس والقهر المسيطر في كل الأرجاء.
قصة طويلة تستحق أن تحكى أبد الدهر، والأحق أن يحاسب ويحاكم المذنبون فيها، بتأخر المنح ل6 سنوات، وانعدام الحوافز، وصعوبة ظروف معيشة أغلب المتوجين.
لا أرى داعيا أن تذكروا أي طرف في كلمات الشكر، لا أرى داعيا من تصريحات تعلي شأن الجامعة والمسؤولين الرياضيين، أنتم بداية الحكاية واستمرارها، وأنتم من وضعها لها أجمل نهاية.