ملفات: أزمة الماء بالمغرب.. الإنذار الأخير

ملفات: أزمة الماء بالمغرب.. الإنذار الأخير
عبدالرحيم نفتاح
خلال جلسة عمومية بالبرلمان يوم فاتح نونبر 2021 لم يخف وزير التجهيز والماء نزار بركة تخوفه من كارثة مائية تصيب البلاد، وصرح بوضوح أن المغرب مقبل على “أزمة عطش حادة” في القادم من السنوات إذا لم تتخذ التدابير المستعجلة لتفادي ذلك.
هذا الوزير الذي من المفروض أن يمارس دور التهدئة وإبراز تحركات الحكومة لحل المشاكل كما جرت به العادة في التصريحات الرسمية، نجده اليوم يعبر بوضوح عن الأزمة، وهذا يدل على أن الأمور صارت واضحة للجميع و “مابقى ما يتخبى”.
المغرب البلد الغني الفقير بثروته المائية
يتــوفر المغــرب عــلى مــوارد مائيــة ســطحية مهمــة تتركــز أساســا في النصــف الشــمالي مــن المغرب، وتتوزع بشكل غير متكافئ بين الأحواض، وتختلف حصيلتها السنوية من موسم لآخـر. ويتشـكل مصـدر الميـاه السـطحية مـن التسـاقطات المطريـة التـي تصرفها شـبكة مـن العيـون والأنهـار التـي تنحـدر أساسـا مـن سلاسـل الأطلـس والريـف.

ويـتحكم في حجـم صـبيب الأوديـة الحصـيلة المائيـة السـنوية وانتظـام التسـاقطات المطريـة خـلال فصـول السـنة، وأيضـا ذوبـان الثلـوج ومسـتوى صبيب العيون، ويلاحظ عموما تراجع في صبيب الأودية والينابيع والعيـون بسـبب تـوالي سـنوات الجفاف والاستغلال المفرط للفرشات المائية السطحية والباطنية المجاورة لها، وفق ما ورد في كتاب “الموارد المائية بالمغرب (ص73 النسخة الإلكترونية) للدكتور إدريس حافيظ، الصادر في نونبر الماضي.
ويضيف أن المغرب يتلقى تساقطات سنوية مهمة تقدر بحوالي 139 مليار متر مكعب، تشكل منها الموارد المائية الطبيعية القابلة للتعبئة 22 مليار متر مكعب، وتمثل منها المياه السطحية 18 مليار متر مكعب والمياه الباطنية 4 مليار متر مكعب. ويختلف توزيع الموارد المائية السطحية حسب الجهات والأحواض المائية الكبرى، ويتوفر حوض سبو على أكبر حصة من المياه السطحية على المستوى الوطني بحوالي 31 %(5600 مليون متر مكعب)، وحوض أم الربيع بـ193447) % مليون متر مكعب)، ثم اللكوس والواجهة المتوسطية 20 % وحوض ملوية وباقي أحواض المغرب الشرقي بـ 8.9.
وتتميـز الشـبكة المائيـة المغربيـة بوجـود أوديـة دائمـة الجريـان، وأوديـة أخرى موسمية، بالنسبة للأوديـة دائمـة الجريـان تنحـدر مـن جبـال الريـف والأطلسـين المتوسـط والكبـير تغـذيها مجموعـة مـن العيـون والتـي تعمـل عـلى ديمومـة جريانهـا ومـن أهمهـا: واد اللكـوس، واد النكـور، واد ملويـة، واد سـبو، واد أم الربيـع، واد تانسـيفت، وواد سـوس، ويتميـز نظــام جريانهــا بارتفــاع الصــبيب خــلال فصــل الشــتاء وبدايــة الربيــع، وانخفاضــه تــدريجيا خــلال الفترات المتبقية من السنة.
وبالنسبة للأودية ذات جريان موسمي فهي عبارة عن أودية جافة أو شبه جافة، ينشـط بهـا الجريـان عنــد ســقوط أمطــار مركــزة أو أمطــار مسترســلة. وتشــكل مثــل هــذه الأوديــة خطــرا حقيقيــا وقــت حدوث اصطدامات قوية على المجالات التي تخترقها، وفق المصدر ذاته.
الإنذار الصادر من القرى
يعاني المغرب منذ سنوات من نقص كبير في الموارد المائية، ويظهر ذلك من خلال تراجع الفرشة المائية الجوفية في مناطق، وجفافها في مناطق أخرى، إذ برزت الأزمة في الكثير من المناطق خاصة القروية.
ففي دراسة ميدانية أجرتها مؤسسة يطو في سنة 2019 بجزء من جهة مراكش آسفي (الجزء القروي)، استهدفت 189 دوارا بنواحي آسفي-اليوسفية-الصويرة، كشفت أن الماء المستعمل غير صالح للشرب بنسبة بلغت 79% ، واعتبرت المؤسسة أن هذه من أبرز الأزمات التي تعانيها الساكنة.

وقالت المؤسسة أن من أصل 700 منزل،211 فقط مزودة بالماء الصالح للشرب في بعض الدواوير خاصة بسيدي اسحاق بإقليم الصويرة بنسبة 21%، علما أن كل منزل تقطنه عائلتان على الأقل.
وأشارت الدراسة إلى أن بعض الدواوير كـ”تفتاشت” تعتمد على خزان الماء المتنقل الذي تسع مساحة تخزينه لـ 2 طن من الماء بمبلغ 200 درهم٫ تحاول ساكنة كل دوار أن تقسمه فيما بينها لمدة 15 يوما. في حين توجد ساقية على بعد كل كلمتر واحد، لكنها بدون مياه لأنها كانت مجرد “خدعة الحملات الانتخابية لإقناع الساكنة بكون مشروع تزويد المنازل بالماء الصالح للشرب في طور الإنجاز”، مضيفة أن “ساكنة الدواوير على هذا الوضع منذ أعوام مضت ولا زالوا في انتظار نهاية هذه الوضعية الكارثية”.
هذه دراسة اجتهدت فيها المؤسسة التي خبرت جغرافيات القرى النائية بالمغرب، وهي نموذج لنماذج متعددة وكثيرة لأزمات عدة مناطق موزعة على خريطة البلاد مع هذه المادة الحيوية، وقد تناولت المنصة في عدة مواد صحفية أزمة دواوير مع شح الماء، ومعاناتهم اليومية من أجل الحصول على كمية ضئيلة منه.
ففي صيف 2020 عبرت ستة دواوير (أغيغا، تيميشا،أيت عيسي، أيت ودار علقمت، آيت حمودن) بجماعة أيت سدرات السهل الغربية بإقليم تنغير عن معاناتها من أزمة ندرة الماء الصالح للشرب منذ أزيد من ست سنوات، واشتكت الساكنة من الحلول الترقيعية التي قامت بها الجماعة والتي زادت من تأزيم الوضع.
وأكد أحد النشطاء بالمنطقة أن 95% من الساكنة تبحث بلهفة عن قطرة ماء في واد قريب إن وجد فيه أو في بعض الآبار ، علما أن هذا الماء لا يتوفر أبدا على الشروط الصحية لشربها وهي سبب أمراض كثيرة تعاني منها الساكنة كأمراض القصور الكلوي …”.
وفي منطقة اماريغن التابعة ترابيا لجماعة سكورة إقليم ورزازات، توصلت المنصة بشكايات لأزيد من 150 أسرة تعاني من أزمة ندرة الماء الصالح للشرب، إذ إن الفرشة المائية المتوفرة في المنطقة شديدة الملوحة، أو حارة. وتبقى هذه الأمثلة لا تعبر إلا عن قطرة في بحر معاناة ساكنة القرى في العديد من مناطق المغرب خاصة بالنصف الجنوبي (وزان، خنيفرة، أزيلال، آزرو، بركان، قلعة السراغنة، زاكورة، شيشاوة، شتوكة آيت باها، تارودانت، والماس، مكناس، مراكش، الحوز، اليوسفية..).
وفي ماي 2019 قدمت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) معطيات مقلقة تخص المغرب، وأفادت في معطياتها أن %24 من ساكنة القرى محرومة من مياه الشرب.
وقبل هذا التقرير بشهر كشف الإئتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة (AMCDD) إن أكثر من 3.5 مليون مواطن “لا يتوفرون على مياه بشكل منتظم رغم أن نسبة الربط بالماء الشروب تبلغ %100 بالوسط الحضري وتتجاوز نسبة %95 بالوسط القروي.
ونبه الائتلاف في دراسة قام بها إلى انخفاض كمية الماء المتوفرة لكل مواطن ومواطنة إذ “انخفضت من 2600 متر مكعب سنة 1960 إلى أقل من 700 متر مكعب حاليا (التي تعتبر حالة فقر مائي عندما تبلغ عتبة أقل من 1000 متر مكعب سنويا وفقا للأمم المتحدة).
منابع الأزمة
أشار الإئتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة إلى دور عامل المناخ في التأثير على الماء وربط ذلك بتطبيق محدود للنصوص القانونية، واستمرار عدم تفعيل مبدأ ملوث مؤذي، وحكامة تخضع أحيانا لتدبير بردود فعل للملائمة، أقل استباقية، وبتشاركية ضعيفة، كما لفت إلى أن بنيات التنسيق والتنظيم الوطنية والترابية غير نشيطة، حيث أن المجلس الأعلى للماء لم يجتمع منذ سنة 2000.

وينضاف إلى المناخ العامل الديمغرافي و سوء تدبير الموارد المائية، إذ لفت المستشار البرلماني السابق محمد حيتوم خلال جلسة عمومية بمجلس المستشارين في يوليوز 2020 إلى أن نسبة إهدار الماء في المغرب تبلغ 35 في المئة من المياه المتوفرة ولايتجاوز حجم المياه التي يمكن استغلالها 80 في المئة من الموارد المائية المتوفرة.
ووقف البرلماني عند إشكالية كبرى تكمن في غياب استراتيجية واضحة وصارمة لضمان الموارد المائية بسبب تعدد المتدخلين والفاعلين والتداخل في صلاحياتهم وضعف التنسيق بين القطاعات المعنية بالماء وهذا ما يشكل عائقا حقيقيا أمام الحكامة الجيدة في حسن تدبير هذه المادة.
ثم يضع حيتوم أصبعه على الجرح كاشفا أن العشرات من المنابع المائية والواحات التاريخية التي كان يعيش من خيراتها ملايين المغاربة، لم يعد لها من وجود على أرض الواقع سوى الاسم بعدما سرقت مياهها (من طرف الفنادق، والفيرمات وإقامات ثانوية لشخصيات نافذة،…الخ) وبأن الآلاف من الآبار الخاصة توجد داخل المساكن (فيلات، دور بالمدن القديمة، رياض، إقامات سكنية، أماكن غسل السيارات..
في الإطار ذاته نبهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان صيف 2019 إلى “مخاطر وتداعيات الانقطاعات المتكررة للماء خلال فصل الصيف في عدة مناطق بالمغرب، واتساع أزمة العطش ونذرة الماء بمناطق أخرى، مع ارتفاع ثمن فاتورته؛ نتيجة مواصلة الدولة تفويت هذا القطاع للشركات الخاصة في إطار ما يسمى بالتدبير المفوض، واستمرار لوبيات رأس المال السطو على منابع المياه لأهداف ربحية لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح والحقوق المشروعة لسكان تلك المناطق، مما يهدد على نحو خاص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”.
وبلغة تحذيرية قالت إن الآلاف من المواطنين يعيشون وضعية مأساوية أرغمتهم على الانتظار ساعات طويلة وأحيانا عدة أيام للحصول على كميات محدودة من الماء لا تكفيهم لتلبية حاجياتهم الأساسية ولتوفير المياه الضرورية لأنشطتهم، رغم أن منها مناطق تتواجد بالقرب من مصادر المياه الرئيسية بالمغرب، في حين يتم فيه توفير وتلبية الحاجات المتزايدة للفضاءات السياحية القريبة المستنزفة للماء .
الأنهار والسدود وناقوس الخطر
يقول الحافيظ في كتابه كتاب “الموارد المائية بالمغرب” إن جـل المجـاري المائيـة ذات الأهميـة الهيدرولوجيـة تتركـز في النصـف الشـمالي مـن المغـرب، ويختلـف صـبيب الأوديـة مـن مجـال لآخـر وذلـك ارتباطـا بالطبيعـة الصـخرية للأحـواض ومصـدر تغذيـة المجـرى المـائي، ومسـاحة الحـوض، وموقعـه ضـمن منـاخ المغـرب، ويختلـف حجـم صـبيب الأوديـة مـن سـنة لأخـرى ومـن فصـل لأخـر، ويـرتبط ذلـك بحجـم التسـاقطات المطريـة والثلجيـة. وتتميـز الأوديـة التـي تنحـدر مـن الأطلـس المتوسـط بارتفـاع في حجـم الصـبيب وديمومتـه ويرجـع ذلك لوجود نظام كارستي بجبـال الأطلـس المتوسـط والتـي تتـوزع عـلى طولهـا مجموعـة مـن الينـابيع والعيـون تشـكل مصـدر تغذيـة الأوديـة الأساسـية في المغـرب خاصـة واد ملويـة وسـبو وأم الربيـع.

وأكد أن مجمــوع صــبيب الأوديــة عرف تراجعــا مهــما مقارنــة بفــترات الســبعينات والثمانينــات مــن القــرن الماضي، بسبب توالي سنوات الجفاف في العقود الأخيرة، وأيضا بسبب إقامة مجموعـة مـن السـدود الكبرى والمتوسطة والسدود التلية على الأودية الرئيسة وروافدها.
في نونبر الماضي دق الخبير البيئي محمد بنعطا ناقوس الخطر بعد جفاف مياه نهر ملوية، وهو واحد من أكبر الأنهار بالمغرب حيث لم يعد قادرا على بلوغ مصبه في البحر الأبيض المتوسط، لأول مرة في تاريخه، وهو ما يهدّد الأراضي الزراعية والتنوع البيولوجي في المنطقة القريبة من مدينة السعيدية.
وتعود أسباب هذه الظاهرة المأساوية بحسب بنعطا في تصريحه لوكالة الأنباء الفرنسية، إلى تراجع صبيب النهر بسبب الإفراط في استهلاك مياهه، وهذه الكارثة البيئة تنذر بكوارث أخرى قد تلحق بباقي الأنهار الشهيرة إذا ما لم تتخذ تدابير عاجلة.
وفي سياق متصل أصدر القضاء يوم 13 أكتوبر 2020، حكما برفض تعرض وكالة الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية على التحفيظ العقاري لـ”ضاية دار بوعزة”، وهو حكم اعتبرته فعاليات حقوقية وبيئية، بمثابة تدمير آخر أهم البحيرات المائية بجهة الدار البيضاء سطات، لصالح القطاع الخاص.
وتتجلى الانعكاسات السلبية لهذا الحكم من جهة، في الدمار والاختفاء عمدا للبحيرة التي تقع في منطقة قاحلة (أكثر من %93 من مساحتها)، وهو أيضا، يعاكس توجهات وقرارات ومجهودات الدولة المغربية، من جهة ثانية.
وعلق حينها الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة على هذا الحكم مستنكرا قبول تحفيظ هذه “الضاية” وخوصصتها لفائدة مجموعة من المنعشين العقاريين والوسطاء في مجال بيع الأراضي المعدة للبناء في منطقة النواصر بمدينة الدار البيضاء والإجهاز عليها عندما أصبح معدل الفرد الواحد أقل من 600 متر مكعب، “حيث دخل المغرب في وضعية مائية حرجة.
هذا وتسـمح التركيبـة الجيولوجيـة الكلسـية بمنـاطق متعـددة مـن الـتراب المغـربي – وفق ما ذكر حافيظ – بوجـود فرشـات مائيـة باطنيــة وســطحية، يبلــغ عـددها 80 فرشــة مائيــة منهــا 48 فرشـة مائيــة ســطحية، تختلــف مــن حيث المساحة وسمك الطبقات المائيـة وعمقهـا، ويـتحكم في حصـيلتها المائيـة عـدة عوامـل أهمهـا: قوة التساقطات المطرية والثلجية وعامل النفاذية والطبيعة الصخرية.
لكن يستدرك الباحث الأكاديمي منبها إلى أن مجمـوع الفرشـات المائيـة رغم أنها توفر بعـض حاجيـات ميـاه الشرب والسـقي بواسـطة الضـخ في بعـض المنـاطق الفلاحيـة، لكـن كثافـة اسـتغلالها بشـكل مفـرط أدى لاسـتنزافها ونـتج عنـه تراجـع كبــير في مســتواها خاصــة بالمجــالات الفلاحيـة الكــبرى بحــوض ســوس ومنطقــة الســايس وتادلة وملوية السفلى.
استنزاف الفرشة وضعف التساقطات عاملان يؤثران في تدفق مياه الأنهار، وهما العاملان نفسهما المؤثران في حمولة السدود التي يعول عليها المغرب من أجل التغلب على الأزمة.
وزير التجهيز والماء قال في تصريح داخل البرلمان في فاتح نونبر 2021 إن التغيرات تساهم في تراجع حمولة السدود مستقبلا، وذلك بنسبة انخفاض بين 10 إلى 20 في المائة في أفق 2030 وبين 40 إلى 50 بالمائة في أفق 2050″، مشيرا إلى أن المغرب يمر من منطق تدبير ندرة المياه إلى تدبير قلة المياه بكيفية هيكلية.
وفي جلسة عمومية أخرى بالبرلمان يوم 6 نونبر قال الوزير ذاته إن المغرب يتوفر على 149 سدا كبيرا، ولديه إمكانية لتعبئة 19 مليار متر مكعب، وأشار إلى أن الحكومة سطرت برنامجا لإنجاز 20 سدا كبيرا، وبناء 120 سدا تليا لحل إشكالية الجفاف في بعض المناطق، مؤكدا أن العملية ستنطلق هذه السنة، من ضمن هذه المشاريع سد تايسغا بوارزازات، وسد تاغشت بالراشيدية، وسد الحنك في ميدلت..
الحلول بين النظري والواقعي
تطــرح وضــعية ندرة المياه تخوفــا كبــيرا حــول مســتقبل المــاء بالمنــاطق الجافــة والشــبه الجافــة، وتفــرض ضرورة اللجــوء لمــوارد مائيــة غــير تقليديــة ومنهــا تحليــة ميــاه البحــر لتلبيــة حاجيــات الســاكنة في المنـاطق الجنوبيـة. وتفـرض نـدرة المـوارد المائيـة بالمنـاطق التـي تعـرف خصـاصا مـائيا، حكامـة جيـدة على مستوى تدبير قطاع الماء وترشيد استعمالاته (المصدر الأكاديمي ذاته. ص 319).
حاول رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني تطمين المواطنين بخصوص توفير الماء الشروب مستقبلا، لافتا خلال كلمته الافتتاحية بالمجلس الحكومي يوم 9 يناير 2019، أن هذا الملف مأخوذ بالجدية الكاملة وأن الموارد المالية الضرورية معبأة لتنفيذ البرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي للفترة الممتدة بين 2020 و2027.
واعتبر العثماني أن التوفر على برنامج طموح تم تدقيقه والمصادقة عليه أمام الملك، سيمكن من الزيادة من عدد السدود الكبيرة من 145 سد كبير حاليا إلى 179 سدا في أفق 2027 آملا أن تنتقل سعة سدود المملكة من 18 مليار متر مكعب إلى 27 مليار متر مكعب من المياه السطحية المعبئة من مياه الأمطار.
من جهة ثانية اعتبر إعادة استعمال المياه العادمة، مدخلا مهما للاقتصاد في الماء خصوصا في سقي المناطق الخضراء وسقي جميع مناطق الكولف، مشيرا إلى أن ما يقرب من 40 في المائة من ملاعب الكولف تسقى من المياه التي أعيد معالجتها، فيما الهدف الوصول إلى 100 في المائة بمعنى أن أي ملعب كولف جديد تطبق عليه هذه الشروط.
وفي 28 أكتوبر 2020 صادقت لجنة القيادة للبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، خلال اجتماعها الثاني على مجموعة من القرارات والتوصيات المتعلقة بتتبع إنجاز البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي وتدبيره وتحيين مكوناته.
وتعول هذه اللجنة الحكومية التي تأسست في بداية 2020 على بناء السدود وتحلية مياه البحر و التنقيب واستكشاف المياه الجوفية من أجل مقاومة أزمة قلة الماء التي أصبح المغرب يعرفها منذ سنوات.
وفي فبراير من هذا العام أعلنت السفارة الأمريكية بالمغرب تعاونها مع المكتب الوطني المغربي للماء والكهرباء (ONEE) والأمم المتحدة وشركاء من القطاع الخاص للعمل على إيجاد حل لندرة المياه، وذلك وفق برنامج أطلق عليه “H20 Maghreb” صمم لتحسين ممارسات إدارة المياه والصرف الصحي في المغرب من خلال توفير تدريب مبتكر للشباب المغربي.
كما أطلقت وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية مشروع “عقد الامتياز” للتدبير التشاركي للفرشة المائية ببرشيد، بشراكة مع جمعيات مستعملي المياه، والذي يرتكز على تحديد الحد الأقصى السنوي للاستهلاك، مع مراجعة الحصة حسب نسبة التساقطات المسجلة.
وأوضحت الوكالة، في بيان أصدرته في نونبر الماضي أن التغيرات المناخية سببت تفاقما في العجز المائي، وعززت الاستغلال المفرط للفرشة المائية لبرشيد، حيث ينخفض مستوى مياه هذه الطبقة المائية، والتي تغطي 20 جماعة بأقاليم برشيد وسطات وبنسليمان ومديونة والنواصر، بـ80 سنتمرا كل سنة.