ملفات

ماذا استفاد المغرب من مؤسسات الحكامة!

86 / 100

 

عبدالرحيم نفتاح

 

 ملفات

ماذا استفاد المغرب من مؤسسات الحكامة!

 

خلال ندوة نظمتها مؤسسة عابد الجابري في دجنبر 2021 حول سؤال “المغرب إلى أين؟” قال وزير الثقافة الأسبق بنسالم حميش إنه ينزعج من “كثرة المجالس في المغرب، مردفا “هناك أشياء أقلق لها ولا أراها بعين الرضى وهي اللامحاسبة المتبوعة باللاعقاب”.

وأضاف الكاتب والروائي المغربي أن هذه المجالس هي تبذير للمال العام، مشيرا إلى أنه قضى سابقا 4 سنوات في مجلس حقوق الإنسان وكان لا يتقاضى ولو درهما رمزيا، وذلك إيمانا بالرسالة التي يؤديها. كلام الرجل كان خلاصة مقتضبة لتجربة قضاها داخل المؤسسات الرسمية.

قبل أيام أثار مجلس المنافسة جدلا واسعا بعد نشره تقريرا حول أسعار المحروقات، وهو التقرير الذي انتظر منه الجميع الإنصاف، إنصاف هذا الشعب الذي يكتوي من شركات تواطأت فيما بينها لتفرض أسعارا غير شرعية، دون أن يتدخل متدخل لوقف زياداتها، وانتظر الجميع أيضا رأيا واضحا لإعادة تشغيل “لاسامير” التي تساهم بشكل مباشر في تخفيض أسعار المحروقات، لكن المجلس لم يفعل.

وقبل تقرير مجلس المنافسة، أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تقريرا، كشف فيه أنه أصدر منذ تأسيسه ما يفوق 2700 توصية تتضمنها 113 وثيقة ما بين دراسات وتقارير وآراء، بوتيرة إنتاج سنوية وصلت، سنة 2021، إلى 13 إصدارا، فماذا كان مآل هذه التوصيات التي تتطلب دراسات وأبحاث ومجهودات كبيرة !

وقبل هذا وذاك، مامصير تقارير المجلس الأعلى للحسابات الذي يبرز سنويا اختلالات مالية كبيرة بالمرافق العمومية، وأين ذهبت آراء وتقارير المجلس الأعلى للتعليم.. فما الجدوى إذن من هذه المؤسسات إذا كان بعضها لا يؤدي دوره الدستوري، والأخرى التي تصدر تقارير دورية، لكن يتم تجاهلها؟

يعتبر الحسن أشهبار أستاذ القانون الدستوري في تصريح للمنصة أن “الدستور الحالي كان حافلا بدسترة العديد من مؤسسات الحكامة، بغية إعطاء دينامية أكبر، وبغية دمقرطة القرار العمومي، لأن هذه المؤسسات في الدول الديموقراطية تقوم بدور محوري في صناعة القرار السياسي بشكل عام”.

وأوضح أشهبار أن هذه المؤسسات تضم مجموعة من المتخصصين من الخبراء والتقنوقراطيين البعيدين عن المجال السياسي، وإن ضمت بعض النقابيين والسياسيين فإنهم لا يشاركون في اتخاذ القرار، لهذا فالسؤال الذي يطرح بخصوص هذه المؤسسات-بحسب المتحدث- هو الممارسة، أي المردودية؟.

في الفصـل 159 من الدستور يشير هذا الأخير  أن الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة تكون مستقلة ؛ وتستفيد من دعم أجهزة الدولة ؛ ويمكن للقانون أن يُحدث عند الضرورة، هيئات أخرى للضبط والحكامة الجيدة.

في هذا التقرير لن ندخل في تفاصيل اشتغال هذه المؤسسات أو الميزانيات الضخمة المرصودة لها سنويا، ولكن سنسلط الضوء على فاعليتها على أرض الواقع، وما حققته من نتائج أنشئت من أجلها، ومدى تلبيتها لانتظارات المغاربة الآملين في مغرب ينمو بشكل صحيح.

نشير إلى أننا راسلنا عدة مؤسسات التي يدور حولها موضوع هذا الملف، من أجل المساهمة برأيها في هذا الموضوع  لكننا لم نتلق ردا، ومن ضمنها مؤسسة وسيط المملكة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الهاكا، مجلس الجالية، المجلس الأعلى للتعليم، المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، مجلس المنافسة.

25 فصلا في الدستور خصصت لمؤسسات الحكامة

خصص الدستور 3 أبواب لمؤسسات الحكامة، وهي الباب العاشر الخاص بالمجلس الأعلى للحسابات، والباب الحادي عشر الخاص بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والباب الثاني عشر الخاص بباقي مؤسسات الحكامة.

وبلغ مجموع الفصول التي خصصها الدستور لهذه المؤسسات 25 فصلا، ابتداء من الفصل 147 إلى غاية الفصل 171، 4 بباب المجلس الأعلى للحسابات، و3 بباب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، و18 بباب الحكامة الجيدة.

خصص الدستور بابا للمجلس الأعلى للحسابات، وبابا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وبابا لباقي المؤسسات لكل منها فصل، وهي 9، مجلس المنافسة، مؤسسة الوسيط، مجلس الجالية المغربية بالخارج، الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.

وأورد الدستور في باب مجلس الحسابات باعتباره أهم هذه المؤسسات ” يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات، المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ، عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة”.

وذكر الدستور في الفصل 154 “تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور”.

الفساد وجمود مؤسسات البلاد !

كان من بين الأسباب الرئيسية لتغيير دستور 2011 هو التفاعل مع مطالب حركة 20 فبراير، بحسب خطاب الدولة حينها، إذ كانت أبرزت الشعارات التي رفعت الحركة أو لنقل الشعار الرئيسي هو “الشعب يريد إسقاط الفساد” فهل سقط الفساد بعد صدور الدستور الجديد؟

في مدخل الدستور قالت الهيئة المشرفة على صياغته “إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة”.

مشكل الفساد يكمن في لا مرئيته، والانتقال الديموقراطي مع الفساد هو وهم وخرافة، والفساد يضعف من نسبة النمو كما يؤكد كبار الخبراء الاقتصاديين، هذه من ضمن الخلاصات التي انتهى إليها المفكر بنسالم حميش في الندوة ذاتها التي أشرنا إليها، هذا يقودنا إلى استنتاج أن تخلفنا التنموي مرتبط باستمرار انتشار الفساد، فما دور مؤسسات الحكامة إذن؟ !

في هذا السياق يوضح محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام “المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة دستورية ومحكمة مالية أنيط بها مهمة الرقابة على المال العام، في حين الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها، فمهمتها هو التصدي للفساد وللرشوة، وإنجاز تقارير في هذا الإطار”.

وقال في تصريح للمنصة إنه “رغم الصلاحيات الدستورية والقانونية الممنوحة لهما، فالملاحَظ أن تقاريرها لا تصل إلى القضاء وحتى إذا وصلت فالأحكام تبقى دون حجم وخطورة الظاهرة، من جهة ثانية رغم أن هذين مؤسستين كبيرتين فهما لا تتوفران على جميع الإمكانيات المالية والبشرية، مقارنة بحجم أدوارها في حماية المال العام والتصدي لإهداره”.

وتابع الفاعل الحقوقي “هذا يجعل أثر المؤسستين ضعيفا أمام حجم الفساد والرشوة بالمغرب، رغم رصدهما للاختلالات في العديد من التقارير. وبالتالي المغرب لازال يتقهقر في مراتب متأخرة في مؤشر الفساد والرشوة عالميا”.

وأكد أن هذا الأمر يتطلب إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد والرشوة، لأنه أمام الواقع الحالي، يظهر أن هذه المؤسسات تبقى ذات طبيعة شكلية! pde  لا تقوم بالأدوار المنوطة بها، والمفروض فيها المساهمة في تخليق الحياة العامة.

ويرى الحسن أشهبار أن المجلس الأعلى للحسابات “له دور محوري وأساسي على مستوى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعلى مستوى إثارة الانتباه إلى الحقائق المالية، وكذلك على مستوى التدبير والتسيير، فالأموال العمومية مصدرها الرئيسي هي الضرائب التي يدفعها المواطن، وبالتالي هذه الأموال يجب صرفها بشكل منطقي، وأن يتم الاعتماد في ذلك على مجموعة من الآليات المنصوص عليها في قانون المالية”.

وأبرز أنه “يجب أن نقر بأن هذه المؤسسات هي إضافة للمسار الديموقراطي للمغرب، وإضافة للدستورانية بالمملكة، أسهمت بشكل ما في تطوير مجموعة من السياسات العمومية” ثم استدرك، “لكن ذلك يبقى دون المتوخى، ولا يتماهى مع السياسات الجديدة التي اتبعها المغرب، خاصة أن جلالة الملك يؤكد في خطاباته على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، والتعاطي مع القرار العمومي بعقلانية، في إطار توخي الفعلاية والنجاعة”.

“المنافسة” عاجز أمام الاحتكار !

منذ أن تأسس، يثير مجلس المنافسة الكثير من الجدل، إذ يواجه العديد من الانتقادات حول جموده تارة، وعدم تفاعله مع احتجاجات المواطنين حول الغلاء تارة أخرى، أو انتقائيته في التعامل مع الملفات المعروضة عليه، أو عدم الوقوف في وجه احتكار الشركات الكبرى المتحكمة في الأسعار.

يوضح لنا نجيب أقصبي الخبير في الاقتصاد، في تصريح للمنصة قائلا إن مجلس المنافسة لم يقم يوما بالدور الذي تأسس من أجله، ولم تكن لديه مصداقية منذ البداية، مشيرا إلى أنه من 2008 إلى 2018 لم يفعل شيئا، إذ أنه منذ تأسيسه يعيش الكثير من الأعطاب، كعدم وجود رئيس، أو غياب قانون أساسي ليباشر المجلس بمهامه، أو غياب عمل المجلس في وجود القانون !

وأبرز أنه “في نهاية 2018 طرح على المجلس ملف المحروقات، واشتغل عليه إلى أن أصدر تقريرا في يوليوز 2020، وفيما بعد وقع ما وقع، حيث صدر قرار من القصر بتجميد كل شيء في المجلس، وتكونت لجنة للتحكيم، هذه الأخيرة استغرقت 8 أشهر ورفعت تقريرا للقصر لا يعرف أحد مضمونه إلى يومنا هذا، وفقد المجلس مصداقيته بشكل كبير في هذه المرحلة”.

وأضاف أقصبي “بعد ذلك سيتم تعيين رئيس جديد، وعندما طلب منه رأيه في ملف المحروقات، رد بضرورة تغيير القانون”، وأردف “منذ 2021 المجلس بت في العديد من القضايا، كمهنة المحاسبين، لكنه في ملف المحروقات اتخذ ذريعة عدم توفره على قانون، في الوقت الذي يتعاطى ويتدخل في ملفات أخرى، وهذا يطرح سؤال المصداقية، أ ليس هذا سلوكا انتقائيا للقضايا التي يتطرق لها !”.

وأردف الخبير الاقتصادي أن العجيب في الأمر هو “لا أحد طلب منه التقرير الذي نشره مؤخرا عن المحروقات، فهو من إرادة نفسه قام بدراسة مشكل الأسعار في مجال المحروقات، بالإضافة إلى أنه وضع حدودا لنفسه وخطوطا حمراء منع نفسه من تجاوزها، فعوض أن يجيب على أسئلة ينتظرها الجميع، أغمض عينيه، وأشاح بوجهه، واكتفى بالقول أن القطاع يعيش بعض المشاكل”.

والأدهى أن المجلس سمع للوزارة وللشركات ولأرباب المحطات، لكن، لماذا لم يسمع للنقابات التي طلبت تدخل المجلس في 2016، وهيئات المجتمع المدني، بما فيها المدافعة عن المستهلك، أليست هذه أطرافا في الملف؟ ! يضيف أقصبي.

وخلص المتحدث إلى أنه “رغم ذلك أقر التقرير بوجود احتكار و توافقات، وارتفاع أسعار، وهو ما كنا نتحدث عنه منذ 2016، أي وجود تحايل على القانون وتجاوزات”، وواجبه -يؤكد أقصبي- أن يسجل مخالفات وأن يطبق العقوبات الواردة في القانون، لكنه لم يفعل، وهذا يثير التعجب، لأن هذا يدل على أن المجلس لا طيبق القانون ولا يحرص على تنفيذه !!”.

أما الحسين اليماني، وهو الرجل الذي وقف في وجه 3 حكومات في ملف المحروقات و”لاسامير” فيؤكد في تصريح للمنصة “يظهر بأن المؤسسات التي تأسست بناء على دستور 2011 والتي يطلق عليها بمؤسسات الجيل الجديد في سياق الحكامة، كان الهدف منها هو المساهمة في مسلسل التنمية، لكن أسباب المظاهر والمآسي الاجتماعية التي نعيشها بالمغرب هو ضعف التنمية في المغرب، التنمية التي تتأسس على خلق الثروة، وبالطبع يتم على ضوء ذلك خلق منافع اجتماعية للمواطن والوطن”.

وعبر رئيس جبهة إنقاذ المصفاة المغربية عن أسفه لكون المؤسسات الدستورية خاصة التي لها صفة تقريرية كمجلس المنافسة نموذجا، لم تؤدي وظيفتها المتمثلة في خلق رجة وزلزلة واقع الريع، والتركيز الاقتصادي ومظاهر الكسب السهل..”

وقال أيضا إن “مثل هذه المؤسسات من المفروض أن تقود إلى ما يفتح المجال لدخول رساميل جديدة التي تتميز بالمخاطرة والمغامرة لخلق استثمارات جديدة للمساهمة في تدبير شأن البلاد، وخلق مناصل شغل وخلق الثروة” مستطردا “أعتبر أن هناك تعطيل لتزيل مضامين الدستور فيما يتعلق بهذه المؤسسات، لأن بنية الاقتصاد قائمة على الاحتكارية وتشجيع الريع..”.

نعود هنا للأستاذ الجامعي الحسن أشهبار الذي لفت إلى أنه”عندما نتحدث عن مجلس المنافسة نجد أن القانون المنظم له أتى بالعديد من الاختصاصات، لكن وظيفة هذه المؤسسة معطلة، فالتقرير الأخير الذي أصدرته عن المحروقات بالمغرب، يتضمن مجموعة من الحقائق، وكأن المجلس تحول إلى لجنة لتقصي الحقائق، غير أنه في الآن ذاته أصدر توصيات وآراء”، ثم استدرك “لكن السؤال هو من سيتتبع هذه التوصيات ويخرجها لحيز الوجود؟ وهل سيزيل المسؤولية الإثباتية للقطاعات الحكومية المعنية؟ وهل سيؤدي إلى فتح مسطرة المتابعة في حق المؤسسات التي اغتنت بشكل غير مشروع في ظل وضعية خاصة كانت الدولة في حاجة ماسة إلى تمويل مشاريع عمومية؟”.

 

مؤسسات لتكريس الحقوق !

تعتبر جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب واحدة من أبرز النماذج التي تلجأ إلى مؤسسات الحكامة من أجل رفع تظلمها، وطلب التدخل من أجل الوقوف على التجاوزات القانونية، ووقف المنصة على معاناة هذه مع لوبي شركات التأمين، من جهة ومؤسسات الحكامة التي من المفروض أن تنصفها في قضيتها، من جهة ثانية.

في هذا الإطار يتحدث لنا يونس بوبكري رئيس الجمعية، ويشاركنا رأيه في عمل وجدوى هذه المؤسسات من خلال التجربة التي عاشها رفقة زملائه في التردد على هذه المؤسسات طيلة السنوات الأربع الأخيرة على الأقل.

يقول بوبكري “إن النظام الدستوري للمملكة لسنة 2011 ينص على  فصل السلطات وتوازنها وتعاونها، كما يقوم على الديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وعلى إحداث مؤسسات دستورية بصلاحيات جد واسعة  وأخرى ذات تغييرات قانونية  عميقة في سعي  لتدعيم الديمقراطية التعددية، واستكمال مسار بناء دولة الحق والقانون ، لكن وبعد مرور أزيد من عقد من الزمن  على تطبيق هذا الدستور، نجد أن  البون شاسع بين الواقع والممارسة،  وأسئلة عديدة نطرح حول مدى نجاعة   هاته المؤسسات الدستورية في تحقيق الأهداف المرجوة، في تخليق الشأن العام ومردوديتها على المستوى الوظيفي والتقني والمالي”.

 

ويضيف بوبكري في تصريحه للمنصة ” أعتقد أن المغرب  يتوفر اليوم   على جل المؤسسات دستورية اللازمة  لتكريس دولة الحق والقانون وفي كل المجالات  سواء الإقتصادية أوالإجتماعبة أوالحقوقية وغيرها   ولها كامل  الإستقلالية في التدبير و الترسانة القانونية الملائمة،   لكن وللأسف لا زالت أغلب هاته المؤسسات  بعيدة كل البعد عن تحقيق الأهداف المنشودة والمساهمة الفعلية في  تحسين مؤشرات التنمية والعدالة الإجتماعية والحكامة الإقتصادية.

وتابع موضحا “دليلنا في ذلك  الترتيب  الأخير الذي يحتله المغرب  حسب آخر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة  الإنمائي، 123 عالميا في مؤشر التنمية البشرية وهي مرتبة غير مشرفة وتعتبر ذات الرتبة تقريبا التي كنا نحتلها قبل 20 سنة خلت، أي قبل إعتماد دستور 2011 و إحداث كل هاته المؤسسات”.

يخلص يونس بوبكري في حديثه للمنصة “يتضح أن  هناك خلل ما وضعف وعطب في تفعيل أدوار هذه  المؤسسات، مردفا أن “المواطن البسيط  لم يستشعر قط بأي تغيير  ملموس  في واقعه المعيشي واليومي مع وجود هاته المؤسسات و لازال العديد منهم  يجهلون  حتى أدوارها  او وجودها  من الأصل   وذلك لعدة عوامل، نذكر  منها غياب سياسة  للتواصل  والانفتاح على هيئات  المجتمع المدني وذلك بشكل دائم ،  وأيضا  عامل الكفاءة  والخبرة والتخصص في المجال  للعاملين في   هذه المؤسسات  و كذا غياب للرؤية الواضحة لعمل هاته المؤسسات مع تحديد للبرامج  وفق أهداف  مسطرة  سلفا و مبنية على  استراتيجية عمل محددة في الزمن  و إخضاعها للتقييم  بشكل دوري”.

وانتهى في تصريحه للمنصة إلى أنه “في غياب آليات للتشاور مع هيئات المجتمع المدني  مثلما ينص على ذلك  دستور المملكة، تظل هذه المؤسسات تشتغل بعيدا عن  مقتضيات و روح  دستور  2011، الذي ينص على المقاربة التشاركية و تظل جل  تقاريرها السنوية المرفوعة لجلالة الملك  لا تلامس    الإشكاليات العميقة التي تهم المجتمع ولا ترصد حلول جذرية للواقع  وبالتالي لن تساهم في تحقيق الأهداف  المنتظرة منها اذا لم يتم مراجعة كل هاته الإختلالات التدبيرية”.

التعليم.. الإصلاح الفاشل!

يعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، هيئة استشارية مستقلة أحدثت بموجب الفصل 168 من الدستور؛ مهمتها إبداء الرأي في كل السياسات العمومية، والقضايا ذات الطابع الوطني، التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي.

يسعى المجلس، بصفته هيئة استشارية مستقلة للحكامة الجيدة والتنمية المستدامة والديمقراطية التشاركية، أن يكون بوتقة للتفكير الاستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي وفضاء تعدديا للنقاش والتنسيق بشأن مختلف القضايا المتعلقة بهذه المجالات.

من أدوار المجلس كذلك، تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي ينجزها.

منذ تأسيسه سنة 2013، قدم المجلس دراسات وآراء مهمة كشف فيها أعطاب القطاع، وقدم توصيات للنهوض به، لكن طيلة هذه السنوات لازال التعليم يتقهقر، ولم يتطور في سيرورة التنمية، فإن تغيرت بعض الشكليات، غير أن المشاكل الجوهرية مازالت قائمة.

سألت المنصة يونس فيراشين الذي راكم تجربة في التعليم والنضال، وهو الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة لـ”CDT” عن مدى استفادة المغرب من هذه المؤسسة الدستورية ودورها في خروج القطاع من أزماته.

اعتبر فيراشين أن “دستور 2011 أضاف وعزز العديد من مؤسسات الحكامة وأخرى ذات طبيعة استشارية، وهذا النموذج من المؤسسات يوجد في العديد من الدول، إذ له دور مهم جدا. وهنا أتحدث عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين الذي أصبح مرجعا في الدراسات وفي الوقوف على أعطاب واختلالات منظومة التربية والتكوين، وأكثر من ذلك يساهم في رسم معالم الحلول وتوجهات الإصلاح، وهذا لا ينفي أننا لا نتفق معه في بعض الملاحظات والخلاصات التي صدرت عنه”.

غير أن المشكل الحاصل اليوم -بحسب فيراشين-هو ماذا عن أثر منتوج هذه المؤسسات، سواء دراسات أو توصيات أو آراء حول السياسات العمومية، فالدولة أو الحكومات المتعاقبة تأخذ بعين الاعتبار في السياسات العمومية آراء هذه المؤسسات.

القيادي النقابي أضاف في تصريح للمنصة “إذا كنا لا نأخذ بعين الاعتبار ولا نعمل بآراء قيمة ودراسات تنجزها هذه المؤسسات في إطار السياسات العمومية، فستكون هذه المؤسسات بدون معنى” وأردف “المجلس الأعلى للتعليم قدم منذ سنوات رؤية استراتيجية مهمة للقطاع، لكن للأسف لم يتم أخذها بعين الاعتبار، لأن الإشكال هو أننا لم نصل إلى البناء الديموقراطي الحقيقي!!”.

حقوق الإنسان.. دولة الحق والقانون!

أناط الدستور المغربي من خلال “فصله 161” للمجلس الوطني لحقوق الانسان، مهمة النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين.

المجلس استنادا إلى أوراقه التأسيسية مطالب بضرورة الالتزام بمجموعة من المبادئ، من قبيل التجرد والموضوعية، والحياد، والاستقلالية، والتعددية، طبقا لميثاق باريس، وكذا الجرأة في التعبير وبكل حرية فيما يخص القضايا التي تمس حقوق الإنسان.

ويحسب للمجلس أنه بذل جهودا في إعداد الكثير من التقارير الحقوقية واستقبال الآلاف من الشكايات ورفع العديد من التوصيات للجهات الرسمية المعنية.

راسلت المنصة المجلس من أجل إفادتنا بتصريح لتعزيز هذا التقرير عبر الحديث عن إنجازاته المتوخاة من تأسيسه والأدوار التي لعبها في سياق تحقيق دولة الحق والقانون.. غير أننا لم نتوصل بأي رد من هذه المؤسسة؟

ومن أجل تقييم هذه التجربة راسلنا رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، محمد النويني، من أجل تقييم تجربة هذه المؤسسة الدستورية، هذا الأخير سجل أن جل التقارير المنجزة من قبله صيغت في مجملها وفق خطاب تبريري يسوغ للسلطات العمومية كل تصرفاتها تجاه المعارضين والمنتقدين  ولنا في التقارير  الصادر عنه في محاكمات معتقلي الريف، ومحاكمات الصحفيين والمدونين، وملف البيوت المشمعة المثال الأبرز على هذا الانحياز غير المقبول من مؤسسة يفترض فيها الحياد والاستقلالية.

ووقف الحقوقي عند عجز المجلس عن “مواجهة التأثير الواضح للتدابير والتشريعات المتخذة بشكل مؤقت على ممارسة حقوق الانسان، خاصة في مرحلة تطبيق قانون الطوارئ الصحية، والحيلولة دون أن تصير عواقبها دائمة، وعدم تمكنه من ايجاد أجوبة لكيفية ضمان فعالية مراقبة السياسة العمومية دون إضرار بالحقوق أو انتهاك للحريات المحمية بمقتضى القوانين الوطنية والمواثيق الدولية”.

وأكد في تصريحه للمنصة وجود “تماطل في استكمال جبر الأضرار الفردية لعدد من الضحايا وذوي الحقوق، والتجاهل الكامل لآلاف الملفات الموضوعة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان”.

وأشار إلى أن “إسناد الألية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان،وعدم تمكينه من كل الضمانات الأساسية لإستقلاليته وفعاليته، مع غياب التجاوب الفعال للدولة المغربية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان وتوصياتها وملاحظاتها الختامية، سواء في إطار الاستعراض الدوري الشامل، أو الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان الأممية أو الإجراءات الخاصة”.

 

الشباب ركيزة التنمية المعطل!

يعد المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المحدث في إطار دستور 2011، التجربة الأخيرة في سلسلة من تجارب أتت في سياقات مختلفة، لكن تشترك في اللافاعلية وانعدام الإنجازات.

في 2017 قدم المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي إحالة/رأي حول مجلس الشباب خلص فيه إلى عدة توصياتـ أبرزها أن يتمتع المجلس بالاستقلالية، التي تستدعي استبعاد أن يكون من بين أعضائه مدراء مركزيون (أو في منصب مماثل) بالإدارات العمومية أو أعضاء في مؤسسات دستورية أخرى؛ وأن يتم تمويله حصرياً من ميزانية الدولة، إذ يعتبر التمويل الأجنبي مسّا بسيادة الدولة؛

وقال إنه يتعين تدبير المجلس وفق قواعد الحكامة الديمقراطية التي تقتضي، على وجه الخصوص، أن تكون الجمعية العامة الجهاز التقريري للمجلس، الذي يتداول أساسا بشأن مضامين مختلف التقارير والدراسات والآراء؛ وأن يُنشئ المجلس مكتباً يتكون من الرئيس ورؤساء اللجان الدائمة؛

وشدد على ضرورة تخويل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي صلاحية إبداء الرأي بمبادرة منه في كل القضايا التي تهم السياسات العمومية، الوطنية أو الجهوية، المتعلقة بالشباب، وإلزام الحكومة والبرلمان بطلب رأيه، علما أن هذا الإلزام لا يشكل بأي حال تناقضا مع الطابع الاستشاري للمجلس.

لكن لا شيء تم العمل به من التوصيات لحدود اليوم، إذ لا يزال المجلس شبه جامد، وحول هذا الجمود كتب سفيان جرضان، وهو باحث في سلك الدكتوراه في فريق البحث في الأداء السياسي والدستوري، بجامعة محمد الخامس الرباط، (كتب) مقالا تحليليا بموقع المؤسسة حول هذا المجلس.

قال جرضان “الأدوات والوسائل لتحقيق أهداف المساهمة في رسم معالم سياسة عامة للدولة إزاء القضايا المطروحة من قبيل مستقبل التشغيل وإدماج الشباب في شتى المجالات وعقلنة العمل الجمعوي تبقى محدودة، نظرا لأسباب عدة، فإذا أخذنا القانون رقم 89.15 في شموليته فإننا لانكاد نعثر على مادة تستوجب وتقر بتفعيل المجلس وتشكيله في آجال محددة، ناهيك عن غياب الموارد المالية بشكل تمكن المجلس من مباشرة اختصاصاته بشكل مريح”.

وأضاف الباحث المهتم بقضايا الديمقراطية والشباب والحركات الاجتماعية “يبدو أن ترجيح الاهتمام بقضايا الشباب والمجتمع المدني لمؤسسات أخرى أمرا مهما ويعد مدخلا إيجابيا للحد من المشاكل التي أصبح يعرفها هذا القطاع، غير أنه بالقدر الذي يكون معه هذا الترجيح يحتمل الصواب، فإنه يحتوي على إمكانية إقبار هذا المجلس ونصطدم لا محالة أمام فرضيتين: أي أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي أحدث في سياق احتجاجي (حركة 20 فبراير)، الذي تميز بمشاركة مكثفة لفئة الشباب، فالغاية من هذا الإحداث تتمثل في إمكانية التأكيد على أهمية قضايا الشباب قصد إعادة الثقة إلى المؤسسات، وبالتالي فتراجع الاحتجاجات واسترجاع الثقة كما ظهر جليا ولو بشكل نسبي بعد صدور دستور 2011، يبين أن هذا المجلس قد أدى الدور المنوط به واستنفد مهامه، أو أن الدولة ليست في حاجة إلى مجلس من هذا النوع نظرا لوجود العديد من المؤسسات تعنى بهذا الشأن”.

 

وسيط المملكة الباحث عن الحل قبل الوصول إلى القضاء!

خول الدستور لمؤسسة الوسيط في الفصل 162 مهمة الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات  الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية.

في معرض النشر والكتاب بالدارالبيضاء سنة 2019 قال محمد بنعليلو رئيس مؤسسة الوسيط في إن هذه الأخيرة تعتبر “تجسيدا مؤسساتيا لفكرة “الوساطة المؤسساتية”، وهي مقاربة بديلة لإيجاد حلول توفيقية وتسوية ودية منصفة ومتوازنة لما قد ينشأ من خلاف بين المرتفقين والإدارة بعيدا عن المقاربة القضائية بإجراءاتها المعقدة وزمنها الطويل وتكلفتها الباهظة أحيانا”، مضيفا خلال ندوة نظمتها المؤسسة بالمعرض “كما تعتبر تجسيدا ملموسا لمهمة المدافع عن الحقوق في نطاق حكامة الخدمات الإدارية والمرفقية بما تكفله من فرص رفع الضرر الذي قد يصيب المشتكي من جراء تصرفات الإدارة، بالاستناد إلى ضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف”.

وتابع المتحدث “إن كسب رهان الحكامة المرفقية معقود على مدى وعي المرتفق بحقوقه وواجباته من جهة، وعلى مدى استيعاب الإدارة للمفهوم الجديد للسلطة في أداء المرفق العمومي من جهة ثانية، وإدراك الجميع لوظائف وخصائص المؤسسة المحكومة بضوابط

اليوم بعد مرور سنوات من عمل هذه المؤسسة مازال المواطن يعاني مع الإدارات العمومية، ولازال منطق الرشوة يغلب عليها، إذ يسود ويغلب منطق اللامحاسبة واللامراقبة، مما يجعل المواطن ضحية عقلية غير مسؤولة ومتغطرسة واستغلالية لموظف عمومي لا يحترم حقوق المواطن في الحصول على خدمة إدارية خولها له القانون، ويكفي زيارة أي إدارة للوقوف على هذا الواقع، فماذا استفاد المواطن من دور مؤسسة الحكامة هذه !

 

الهاكا والمبادئ العشرة

كتبت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على موقعها مهامها العشرة، نذكر من أهمها السهر على احترام حرية الاتصال السمعي البصري وكذا حرية التعبير وحمايتها، في إطار احترام القيم الحضارية الأساسية للمملكة، والنظام العام، ودعم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان طبقا لأحكام الدستور في مجال الاتصال السمعي البصري؛ السهر على ضمان احترام حق المواطنين في الإعلام السمعي البصري؛ السهر على ضمان الحق في الخبر، السهر على إرساء مشهد سمعي بصري متنوع وتعددي ومتوازن ومتكامل يكرس الجودة والاستقلالية ويحترم مفهوم الخدمة العمومية والمرفق العام ويحترم قيم الكرامة الإنسانية ويناهض كافة أشكال التمييز، السهر على ضمان حيادية الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري في ممارسة مهامها بكل حرية كخدمة عمومية؛ العمل على محاربة ومنع جميع أشكال الاحتكار والهيمنة في ملكية وسائل الاتصال السمعي البصري، وكذا السهر على احترام المنافسة الحرة والمشروعة وتكافؤ الفرص والشفافية.

وسجل تقرير للهاكا  لسنة 2020 أنها خصصت 19 خدمة إذاعية وتلفزية المعنية بتتبع التعددية أكثر من 846 ساعة لمداخلات الشخصيات العمومية، مبرزا أن 39 في المائة من مجموع هذا الحجم الزمني المخصص لتناول الكلمة من طرف مختلف فئات الفاعلين العموميين، كان من نصيب الفاعلين السياسيين، و30 في المائة للفاعلين الجمعويين، و23 في المائة للفاعلين المهنيين، و8 في المائة للفاعلين النقابيين.

لطيفة أخرباش رئيسة الهيئة قالت خلال لقاء بشفشاون يونيو الماضي ”  إلى ضرورة اطلاع المواطنين على متطلبات العصر وقدرتهم على الولوج للخبر والتحصن من مخاطر التضليل الإعلامي، ضمن ثوابت اشتغال الديمقراطية السليمة، لتجاوز تداعيات التضليل على تقويض النقاش العمومي وإعاقة الانسجام الاجتماعي”.

وفي تقريرها لسنة 2021 ذكرت الهاكا أنه على غرار سنة 2019 تواصل القضايا المتعلقة بنزاهة وتوازن الخبر والبرامج تصدرها لانشغالات المشتكين (16 شكاية مقابل 9 شكايات سنة 2019).

لكن أين كل ذلك أمام احتجاج الكثير من التنظيمات والشخصيات السياسية والحقوقية والنقابية، التي تنتقد سياسات الدولة، إذ توجه للهاكا مؤاخذات، بسبب الإقصاء من الإعلام العمومي لإيصال وجهات نظرها، إلى الشعب، عبر إعلام يتم تمويله من ضافعي الضرائب.

مؤسسات شكلية !

في مارس 2012 وجه أول رئيس للحكومة بعد الحراك المغربي ميثاقا عممه على المؤسسات العمومية، يوصي فيه بتكريس الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت العامة وترسيخ ثقافة المساءلة ونشر قيم الشفافية والإعلام والتواصل؛ وتحسين أداء وجدوى ونجاعة عمل المؤسسات والمقاولات العمومية، وتقوية دور ومسؤوليات هيأة حكامة المؤسسات والمقاولات العمومية وذلك بتمتيع هذه الهيأة بالسلط والكفاءات والموضوعية اللازمة لتنفيذ وظيفتها في القيادة الاستراتيجية ومراقبة تدبير المؤسسة ؛وضمان المعاملة العادلة للأطراف المعنية والحفاظ على حقوقها. فهل كان من ذلك مجرد شعارات؟!

يقول الحسن أشهبار “ممارسة هذه المؤسسات أصبحت صورية، دورها يقتصر على إصدار تقارير دورية تضم مقترحات وتوصيات، هذه الأخيرة تبقى حبيسة الرفوف ولا تأخذ بها الجهات الرسمية المختصة، على مستوى السياسات العمومية، أو على مستوى البرامج التي تحاول من خلالها تحقيق التنمية المندمجة”.

ويضيف في حديثه للمنصة “الخلل يمكن ملامسته على عدة مستويات، أولا، القوانين المنظمة لهذه المؤسسات، لأنها لا تعطي صلاحية تشخيصية، من خلال تخويلها حق المتابعة تنصيبها كطرف مدني في مجموعة من القضايا، إذن هناك مجموعة من النقائص على مستوى القانون”.

ويتابع أشهبار “هناك مستوى آخر يتمثل في عقلية النخبة المدبرة لقطاعات وزارية، والمؤسسات العمومية، هذه النخبة لازالت لم تتشرب ثقافة الديموقراطية التشاركية، فهذه المؤسسات جاءت في أطار مبدأ الديموقراطية التشاركية، وكأن هذه النخبة لا تؤمن بهذا المبدأ، بل تؤمن بالشعارات، لأنه على مستوى الواقع نرى عكس الشعارات”.

ونبه الأستاذ الجامعي أيضا إلى أن هناك مستوى آخر يتعلق بالنضج الفكري والتدبيري، “فلا يعقل أن نرى هذه المؤسسات المدسترة وكأنها تسير ضد التيار، وضد القانون الدستوري”.

ثم انتهى إلى أنه “لابد من إعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة لهذه المؤسسات، بغية إعطائها صلاحيات تقريرية، في حالة الرفض أو الامتناع أو اعتماد أسلوب المراوغة والحيلة من المؤسسات العمومية التي لا تحترم توصيات وقرارات المؤسسات الدستورية، وكأنه نوع من التحقير لها”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى