عبد الله الترابي: الفرق بينا وبينهم!

تدوينات مختارة
الفرق بينا وبينهم!
عبد الله الترابي
أتذكر أول مرة ذهبت فيها لملعب أوروبي، منذ تقريبا 20 سنة، وكان ذلك بالكامب نو ببرشلونة. المهم، مقطع الورقة ديالي، و فايق كلي همة ونشاط باش نتفرج في الماتش. وككل مشجع بيضاوي مولف بالتكرفيس والإنتظار تحت الشمس لمدة ساعات قبل بداية المقابلة، والغذاء برايبي جميلة و Tagger, وحيث بطبيعة الحال أنا ولد كازا قافز وما يديروهاش بي السبانيول، فقد وقفت عند باب الملعب أربعة ساعات قبل المقابلة…كنت عند الكامب نو قبل من البوليس! فلم أجد لا طيرا يطير ولا وحشا يسير ويبيع التيكيت في المارشي نوار! فداخلتني الشكوك : واش دخلو وسدو عليهم التيران؟ واش باعو لي التيكيت مزور وبرشلونة لاعبة في مالاكا وانا ما عارفش؟ واش ندق على العساس ديال الكامب نو ونسولو ؟
فجلست في مقهى أضرب أخماسا بأسداس وأنتظر باش نطلع معهم الريدو ديال الكامب نو. ساعة قبل المقابلة، بدأت الحركة تدب في محيط الملعب تدريجيا، والناس يأتون على مهل وأنا كنقز باش ندخل وكأن جدي من مؤسسي الجمهورية الكاتالانية. وعندما بقيت عشرون دقيقة لبداية المقابلة، فتحت كل أبواب الملعب، ودخل المتفرجون في نظام وانتظام وكأنما خطب فيهم الحسن الثاني، ووجدت مقعدي برقمه وصفته كما هو في التذكرة، خاليا ينتظرني وليس جالسا فيه واحد مخرج فيك عينيه أو طفلا رضيعا أتى مع سلالته وطسيلته واحتلوا صفا كاملا ولا سبيل لك لطرده!
بعد نهاية المقابلة، خرجت 80 ألف متفرج كما دخلت بتؤدة وسكينة وكأنها انتهت من حفل في الأوبرا أو لقاء أدبي. لم يكسر شيء ولم يجري بعض من الجمهور خلف بعضه ليقول له كلام ود برجله أو بحجر في قلقولة رأسه ويتركه مغميا عليه من كثرة الحب والأدب. وعدت الى فندقي وأنا أسأل نفسي ” واش حنا مساخط الوالدين؟” ومازلت أردد نفس السؤال ليومنا هذا…