مجتمع

صورة طفل بحذاء رياضي مهترئ.. نموذج لبؤس الملايين وزيف لشعار الدولة الإجتماعية

56 / 100
غزت صورة طفل يمارس رياضة العدو الريفي بمدينة تامسنا يرتدي حذاء مهترئا، مواقع التواصل الاجتماعي، وحصدت تفاعلا كبيرا بين رواد هذه المنصات.
واختلطت بين المتفاعلين مع الصورة، مشاعر الحزن والتعاطف مع الطفل الذي يحمل شغفا للرياضة، ومشاعر الغضب لحال الوطن ومسيريه، الذي جعل من هذا المشهد يُظهر واقعا بئيسا لمغرب 2023، الذي يحمل شعارات التنمية !
زيف شعار الدولة الإجتماعية
الفاعل الحقوقي محمد الغلوسي قال معلقا على المشهد “هي صورة تختزل واقعنا الإقتصادي والإجتماعي وتعري تلك الفوارق الإجتماعية في مجتمع يردد فيه مسؤولوه بدون أي خجل أنهم أغنياء ويدرسون أبناءهم في الخارج وآخرهم وزير التعليم العالي اليوم بالبرلمان والذي صرح بأنه هو وآخرين أبناؤهم ليسوا في حاجة الى المنحة لأنهم أغنياء !!ودون أن يسألهم أحد كيف أصبحوا أغنياء والآخرين فقراء ؟”.
وأضاف رئيس حماية المال العام في تدوينة على الفايسبوك “هي صورة من بين صور كثيرة لمغاربة يعيشون الفقر والحرمان تعري زيف شعار الدولة الإجتماعية وتفضح نفاق نخبة سياسية تعيش على الريع والفساد!”.
وأوضح الغلوسي “هو الفساد الذي تسعى بعض الجهات إلى إرغام المغاربة على التطبيع معه والقبول به واعتباره قدرا محتوما سكننا منذ عقود ولايمكن التخلص منه مطلقا ،هو الفساد نفسه الذي جعل شرائح واسعة من المغاربة وضمنهم الطفل الذي تم ترويج صورته يشعرون بالظلم ويتعايشون مع الفقر والحاجة مرغمين ويؤدون فاتورة الفساد والريع بينما تستفيد القلة القليلة من خيرات ومقدرات البلد وتراكم الثروة بشكل غير مشروع ،ولهذا فمن الطبيعي أن يتم تحويل ملفات وفضائح الفساد إلى جعجعة بدون طحين وتنتهي دون أن ينال لصوص المال العام والمفسدون أي عقاب كي يستمر الطفل المذكور وأمثاله في إرتداء جوارب ممزقة !!”.
وانتهى في تفاعله قائلا “إنها مفارقة عجيبة في بلد يوفر الحماية للمفسدين ولصوص المال العام وتهيئ لهم الأرضية للإفلات من العقاب ويستحوذون على الثروة ويتولون مسؤوليات عمومية مقابل معاقبة مجتمع بكامله وترك أبنائه حفاة وتحميلهم فاتورة فساد نخب ومسؤولين وإجبارهم على قبول الفقر والحرمان كقدر محتوم !!”.
نموذج لملايين الأطفال والشباب الذين يعيشون البؤس
وكتب الفاعل الحقوقي والسياسي حسن بناجح على الفايسبوك، متفاعلا مع الصورة، مبرزا أن “صورة هذا الطفل جابت الآفاق أمس. وهي تسائل المنظومة كلها، وتهز الضمائر، وتأخذ، بخناق الجميع وترجنا رجا” مردفا “ومعها يطرح الأسئلة الحارقة: أين الخلل؟ ما الحل؟ وما المتوقع؟”.
وأشار إلى انه “انطلاقا من أن هذا خروب بلادنا ونحن نعرفه جيدا، فإن المتوقع واضح، وهو أن نرى اليوم أو غدا صورة أخرى للطفل نفسه بملابس رياضية جديدة وهي تجوب الآفاق، إما بمبادرة من محسن، وفاعلوا الخير كثر والحمد لله، أو بمبادرة من مؤسسة أو مسؤول. ثم تنبري المنابر المعلومة للدعاية والتبشير بأن المشكل قد حل وكفى”.
وتساءل بناجح “لكن هل هذا هو المشكل؟” ليحاول الرد موضحا “المشكلة عظيمة ومركبة، وهي أن هذا الطفل ما هو إلا نموذج لملايين الأطفال والشباب يعيشون بؤسا مماثلا من بؤس ما تعيشه أسرهم. فهل نسينا أن حوالي 20 مليون مغربي يعيشون حالة الفقر الشديد؟”.
وتابع “هل تغيب عنا أرقام مندوبية التخطيط، مع ما في أرقامها من تخفيف كبير من حدة الواقع، ومنها ما سبق أن أعلنته من أن ثلث الشباب بين 15 و24 سنة لا يعملون ولا يدرسون. وهذا يعني، حسب الإحصاء الرسمي الذي يحدد عدد الشباب في المغرب في 11 مليون، أن 4 ملايين شاب هم في الشوارع بلا شغل ولا تعليم”.
ورأى بناجح أن السؤال هنا لماذا لا يعملون ولا يدرسون؟ هل ذلك باختيارهم؟ مستدركا “إنهم لا يعملون لأن الحكم فاشل، لا ينتج تنمية. ولأن الفساد سائد، ولأن ثروة المغاربة محتكرة ومهربة… إنهم لا يدرسون لسيادة مخطط ممنهج لإدامة الفشل في التعليم، ولا مكان إلا ل”باه لاباس عليه”.
وفي آخر قال الفاعل السياسي أن الحل هو أكبر بكثير من المبادرات الخيرية الإحسانية المتفرقة، “الحل في إعادة تشكيل البنية على أسس ومقومات الحكم الرشيد بما هو عدل عام ورقابة ومحاسبة وتوزيع عادل للثروة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى