
فتحت صحيفة المنصة الإلكترونية ملف الحركة التمريضية بالمغرب، الذي يشهد احتجاجات متتالية من أجل مطالب تتعلق بتوفير شروط الممارسة المهنية.
في هذا الإطار أجرت المنصة حوارا مع منسق لجنة الإعلام والتواصل بحركة الممرضين وتقنيي الصحة بالمغرب، خليل رفيق، الذي أطلعنا على تفاصيل الملف وتطوراته.
متى بدأت وأين وصلت احتجاجات الحركة التمريضية، وماهي أبرز مطالبها؟
بداية نشكر جريدة المنصة الإلكترونية على الاهتمام بموضوع الصحة عموما وحراك هيئة الممرضين و تقنيي الصحة بشكل خاص .
الحراك التمريضي بالمغرب بدأ بشكل قوي منذ 2007 وعرف مدا وجزرا إلى أن طفا على المشهد الاجتماعي المغربي بشكل لافت سنة 2015 من أجل مطلب واحد هو معادلة دبلوم ممرض مجاز معادلة علمية (إجازة ماستر) وإدارية بإدماج حاملي دبلوم السلك الأول في السلم العاشر والسلك الثاني بالسلم 11 عوض السلمين 9 و 10 على التوالي، وتوج هذا الحراك بتحقيق المطلب أواخر سنة 2017، ليتواصل الحراك من أجل مطالب أخرى لا تقل أهمية وتهدف إلى رد الاعتبار لمهنة التمريض ببلادنا.
وبعد خوض شتى الأشكال الاحتجاجية المشروعة حيث وصلنا لـ 30 يوما من الإضراب عن العمل إلا أن الوزارة لم تستجب بعد، علما أن مطالبنا هي مطالب تهم تقنين المهنة وحمايتها وإنصاف ممارسيها من خلال – الإنصاف في التعويض عن الأخطار المهنية بزيادة صافية قدرها 3000 درهم مع اعتماد سلم متحرك لذلك كلما تقدم الممرض في الدرجة، وإخراج مصنف المهن والكفاءات لوضع حد للضبابية والفراغ القانوني أو بالأحرى لتحديد متى تبدأ ومتى تنتهي مسؤولية الممرض وتقني الصحة وهذه الوثيقة القانونية لا تكلف غلافا ماليا بقدر ما تتطلب جرأة وزارة الصحة لتحديد ماهية مهنة التمريض والمهام الموكولة له عوض إثقالهم بمهام طبية صرفة، وأيضا من أجل إيقاف نزيف المتابعات القضائية والإدارية الجائرة على خلفية عدم القيام بالمهام الطبية أو تنفيذها بشكل غير صحيح عن غير قصد، كما نطالب بالافراج عن الهيئة الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة مثل بلدان العالم، وكما هو الشأن لبعض المهن ببلادنا من أجل تنظيم ممارسة مهنة التمريض وحمايتها من الدخلاء بالقطاعين العام و الخاص؛ وإنصاف ضحايا المرسوم رقم 2-17- 535 و إقرار الأثر الرجعي المالي والإداري منذ 2006، – إدماج كافة الممرضين المعطلين البالغ عددهم أزيد من 10000 عاطلة وعاطل في إطار النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية علما أن المؤسسات الصحية العمومية تعاني نقصا حدا في هذه الأطر تقدره وزارة الصحة ب 9000 ممرض/تقني الصحة فيما أقرت المنظمة العالمية للصحة هذا النقص في حدود 60000 ممرض، مع القطع مع سياسة التعاقد التي أبانت عن فشلها بقطاع التعليم؛ – مراجعة شروط الترقي بالرفع من نسبة الكوطا إلى 50 ٪ عوض 33 ٪ المعمول بها حاليا واعتماد أربع سنوات لاجتياز اختبار الكفاءة عوض ست سنوات والتسقيف في 10 سنوات للترقي بالأقدمية عوض 14 حاليا.
كيف تجاوبت مؤسسات الدولة مع هذه الاحتجاجات والمطالب؟
للأسف الشديد وزير الصحة الحالي السيد أنس الدكالي ينهح نفس أسلوب سلفه البروفيسور الحسين الوردي بتعمده تغليط الرأي العام من خلال الترويج على أن وزارته عالجت مطالب الممرضين فيما العكس هو الحاصل، بل إن الوزير التقدمي يعمد إلى إقصاء الحركة من الحوار بدليل إننا تقدمنا بأزيد من ثلاث طلبات لقاء قوبلت كلها بالإهمال، فيما الحكومة برمتها تنهج سياسة الآذان الصماء بخصوص ملفنا المطلبي المشروع .
ما هي الخطوات النضالية التي تستعدون لخوضها في حالة ما استمر الوضع كما هو؟
أمام الأحداث والمستجدات الحالية كأقصاء الحركة من الحوار عكس ما يروج له السيد الوزير أن باب الحوار مفتوح، اجتماعات ممثلي الوزارة والنقابات الصحية في إطار جولات الحوار الاجتماعي القطاعي والتي من خلالها تحذر من أي تسويف أو أي سيناريو مشابه لما مضى ( كما حدث سنتي 2006 و 2011) سيكون ذلك بمثابة صب الزيت على النار والتدخل القمعي في حق تنسيقية الطلبة والخريجين خلال مسيرتهم السلمية يوم السبت الماضي 30 مارس 2019، فإننا عازمون على الرفع من وثيرة احتجاجاتنا من خلال خوض إضراب وطني ما عدا أقسام المستعجلات والإنعاش لمدة 48 ساعة يومي 16 و17 أبريل الجاري مع مسيرة وطنية بالرباط، وبالمناسبة نعتذر كثيرا للمرضى على تعطل مصالحهم بسبب هذه الإضرابات الاظطرارية المتتالية، وبعد ذلك سيتم عقد اجتماع المجلس الوطني للحركة بتقرير محطات نضالية تصعيدية إن استمر الوضع كما هو، خاصة إذا لمسنا أن هناك سيناريو غير مقبول يُجهّزُ بين النقابات والوزارة الوصية.
كيف تفسر الغليان الحاصل في هذا القطاع، إذ إن الاحتجاجات شملت جميع العاملين في القطاع، أطباء، ممرضين، تقنيين.. وأيضا الطلبة؟
الغليان بقطاع الصحة يرجع بالأساس لغياب إرادة سياسية من طرف الحكومة للنهوض بهذا القطاع الاجتماعي هذه الإرادة تتجلى في الرفع من الميزانية الفرعية لوزارة الصحة من 5,2٪ إلى 11٪ على الأقل وهو الرقم الذي تنصح به المنظمة العالمية للصحة كأدنى حد يجب توفره لتأمين وتطوير قطاع الصحة بأي بلد؛ هذا من جهة من جهة ثانية نسعى لإعطاء قطاع الصحة صبغة خصوصية من خلال اعتماد وظيفة عمومية صحية كما هو معمول به ببلدان متقدمة في هذا المجال، وهو مخطط من شأنه الإجابة على انتظارات العاملين بالقطاع والنهوض بأوضاعهم المادية والمعنوية؛ والسبب الثاني لتدني القطاع الصحي ببلادنا يهم جانب الحكامة الصحية بتعزيز دمقرطة التدبير الصحي واعتماد الشفافية والنزاهة فيما يخص الصفقات العمومية بالمؤسسات الصحية لوقف انتشار ظواهر مشينة يكون فيها المريض والموظف الضحية الأولى.
عموما الاحتقان بقطاع الصحة واحتجاج المنتمين له دليل على فشل الحكومة في تطوير قطاع اجتماعي يعتبر عصب السلم الاجتماعي بالمغرب حيث تعتبر أجور الممارسين بهذا القطاع ( أطباء، ممرضين، تقنيين، متصرفين، إداريين،…) الأضعف مقارنة بموظفي القطاعات الأخرى لهم نفس درجات التكوين، بالإضافة إلى ظروف الاشتغال الكارثية وما يرافق ذلك من تهجم واعتداءات يومية تطال الشغيلة الصحية بسبب نقص الموارد البشرية و الأدوية والمستلزمات لا دخل للموظف فيها أصلا، وكنتيجة لما سبق تعميق الأزمة من خلال احتجاج الموظف الصحي والمواطن على حد سواء مما يدفع عدد كبير من هؤلاء الموظفين للتوجه نحو القطاع الخاص أو الحر أو الهجرة نحو بلدان أكثر إغراء بالنسبة للممرضين المغاربة كدولة كندا والإمارات العربية وقطر .