
خديجة حسيني: حين تتكلم لغة الأقدام
دة. خديجة حسيني
خلقو االحدث، وتكلمت لغة الأقدام بتمريرات رياضية موهوبة وبإيماءات جسدية غير سردية لكتيبة أسود الأطلس؛وتفجرت البراعم اليافعةمن مغاربة العالم والكوادر الشابة بملكاتها ومهاراتها الرياضية. هم أبناء أسر مغربية بسيطة ومتوسطة، أجبرتها مصاعب الحياة ومتاعبها على الهجرة بحثا لأبنائها عن مصدر رزق ومستقبل مشرق واعد. شقوا طريقهم ببلاد الغربة وسط حجارة صلبة صماء؛فكسروا قيود الفقر وحولوا المستحيل إلى حقيقة وظلوا-في الأعماق- مغاربة بالانتماء للوطن الأم.كان الإخلاص شعارهملحظة الاختيار حين فضلوا اللعب لصالح بلدهم الأصل المغرب رغم أنهم ولدوا بجنسيات أوروبية مختلفةوشبُّوابدول الإقامة؛ فتعلموا لغتها وانفتحوا على عوالمهاوتباينتقصص كفاحهم مع الزمن، مع الحياة، مع الدوام.هيقصصإنسانيةمتباينة، عنوانهاالوفاء للجذور، الإخلاص للوطن،والإيمان بالهُوية المغربيةوإعلاء شأنالمغرب المجيد؛ فكانت الثقة بالنفس والاحتكام للكفاءة الرياضية ومنح الفرصة للشاب الرياضي الأجدر هي سيدة الموقف والفرجة. هو- إذًا-خطاب رياضي واثق مؤمنورسالة قوية لا تستصغر الذات الإنسانية؛ لتتوقف السرديات هنا والمحكيات هناك. بلغة الأرقام والأهداف والأقدامبمونديال قطر 2022، دخل المنتخب المغربي غمار التاريخ من أبوابه الشاسعة.
المنتخب المغربي الرائد في قلب مونديال قطر 2022
الآن، التاريخ يكتب وأسود الأطلس زأرتبأداء جيد ومميز وأصوات الجماهير صدحت بصفوف المدرجات هاتفة متعالية؛فكلنا- اليوم- أبطال. جميعنامسرورون مبهورونبالصنيع الرياضي للمنتخب المغربي. سجلِ- الآن- يا تاريخسجلْ،واكتبْأيهاالزمن، واشهدْ للمنتخب المغربيالبطل المغوار.اشهدْ يا تاريخلأسود الأطلس الأبطال، للفهود، للنسور، للصقور على الروح القتالية بملاعب دولة قطر الشقيقةوتحقيق الانتصار بالركلات الترجيحية بمونديالقطر2022. إنهالفوز الذي راهن به المغرب-البلد العربي والمسلم والإفريقي الوحيد-بكل قوة وعزيمةوجلَد وتحدٍّ- على العبور إلى دور النصفالذهبي النهائي لكأس العالم 2022بعد انتصاره، منذ انطلاق أولى مباراة له بمونديال قطر 2022-خاضها في الدور الأول ضمن مجموعة صعبة، تضم منتخبات أوروبية عملاقة قوية- فكان الانتصار على أعتى المنتخبات الرياضية العالمية وأعتدها؛ لتدون- بذلك- العناصر الوطنية اسمها بالسجلات العالمية للمستديرة برحلة مثيرة على المنتخب الكرواتي الذيانتهت مقارعته بالتعادل (0-0)؛فالمنتخب البلجيكي (2-0)، وبعده المنتخب الكندي (2-1).ثم يأتي الدور على فوزه- وبروح رياضية قوية باسلة- على المنتخب الإسباني(3-0)، وعلى من؟على بطلة العالم لعام 2010- الجارة إسبانيا- بنجوم برشلونةوريال مدريد الصناديد،وأحد أقوى المنتخبات الرياضية في العالم، تخسر أمام أبطال المغرب، أمام أسود الأطلس؛ ليخرجمنتخب لاروخا في الدور الثاني من المنافسة الدولية.وليتحقق الانتصار على بحارة البرتغال وقوتهم. البرتغال البعيد القريب من المحيط الأطلسي؛ ولتدونصحيفة المنتخب المغربية عبر تغريدة لها “أسود الأطلس يغرقون بحارة البرتغال ويحلقون لنصف مونديال تاريخي”.أتى الفوز راغما والمنتخب المغربي، يواصل كتابة التاريخ بمونديال قطر 2022 ويحقق فوزا تاريخيا أمام البرتغال بهدف دون رد بالمباراة التي أقيمت بملعب الثمامة يوم السبت 2022/12/10 ضمن منافسات دور الربع الذهبي النهائي لكأس العالم ويعبر- بذلك- إلى دور النصف النهائي لكأس العالم 2022.
فاجأنا المنتخب المغربيالرائد كما فاجأ العالم حين زأرت أسود الأطلس بكل مقابلة رياضية بملاعب دولة قطر وقطار التاريخ يسجل- من جديد- الدور الريادي المشرف الذي أداه أسود الأطلس بالأمس القريب، وكل المغاربة- قاطبة-انتابهم الفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز الرياضي العظيم الخالد. إنهاإنجازات رائعة،عبرتعنروح المواطنة الصادقة وحب الوطن والواجب الوطني تجاه المغرب البلد العزيز.
لم يخطر على بال أن نون النسوة بوطني المغرب،خلقن الحدثوالفرجة والمفاجأة السارة. نون النسوة،كن السباقات-إسوة بإخوانهن الرجال- إلى عالم الفرجة على شاشات التلفزيون بفضاءات المقاهي جميعهاومعالم الفرحة رُسمت على محياهن بكل حماس وغيرة وطنيتين.بصمن للتاريخ، وهن يبحثن- منذ انطلاق أولى مباريات مونديال قطر 2022-عن الفوز وعن اللقب وعن التأهل للدور المقبل؛وهنا، أدرك الجميع أهمية الرياضة في حياة الشعوب وأنها دليل الوعي والحضارة؛ فالقادم أفضل والتطلع- دوما- للأفضل.وأنا- بدوري- أحيي المغرب العالْ وفي السما هلالْ وأقول: “يا أسود المغرب ورجاله، بكم نفخر ونفاخر العالم؛فارفع رأسك- اليوم-أيها المواطن فأنت المغربي”.
المنتخب المغربي الأسطورة
كانتملحمة رياضية تاريخية في سابقة لها بالعهد الجديد، سطر لها وليدالركراكي-الورقة الرابحة بهذا المونديال- بتركيبة دفاعية وبخطة تكتيكية ذكية متقنة، قرأ وليد المبارياتبعين خبيرة حاذقة يقظة،وتمثل الفوز بنفْس قلقة وبنفَسحذر متوتر، جعله يؤرخلزمن الملحمة الكروية، حيث الشغف الكبيربالمستديرة؛فكانالجسر الرابط بين عناصر تشكيلة المنتخب المغربي. أسود الأطلس،خلقوا التاريخ، صنعوا التاريخ كما صنعوا الملحمة التاريخية، رسموا ذاكرة الثقافة الرياضية ورسخوا لهذه الذاكرة بمونديال قطر 2022. هذا هو النجاح الباهر والإنجاز الماهر. هذا هو المغرب الجديد والعهدالجديد.هذا هو الشعب المغربي الأبي. هذه هي المملكة المغربية العلوية الشريفةالتليدة.هذا هو الإحساس بالانتماء إلى الوطن الأم المغرب.إنهالشعوربـــ “تامغربيت”، جعل الراية المغربية، ترفرف بكل شارع وزقاق، بكل مدينة وقرية مغربية، بل ببلدان المهجر، حيث مغاربة العالم المقيمون هناككانوا مشجعين فرحين،وبكل الأقطار العربية الشقيقة. إنها الهُوية المغربيةوالقومية العربية، دفعت أسود الأطلس إلى الاستمرار في القتالية وتحقيق الانتصارمن خلال العبور إلى النصف النهائي لمونديال قطر 2022.لم تكن الفرحة بتأهل أسود الأطلس فرحة مغربية فقط، بل كانت فرحة مسلمة عربية إفريقية.جسدتالسجدة الجماعية لأسود الأطلس بساحة ملعب المدينة التعليمية بدولة قطر صورة، خلقتالدفء بقلوب المغاربة-جميعهم-وألفت بينهم؛فنسوا غلاء الأسعار والمعيشة، وعبروا أجمعين وبالشوارع هاتفين؛ فتحولت الشوارع في قلب المدن المغربية- جميعها- إلى محجات للساكنة المحلية ومسارح بهيجة لاحتفالاتجماهرية شعبية غنَّاء.
قطار التاريخ بالمغرب، يسجل من جديد،،،
هي صناعة رياضية مغربية؛ فالرياضة موهبة لمن يمتلكها وفنٌّ لمن يتقنه.فوزٌ كان وليدَوليد. هذا الفوز لم يتأتَّ للمنتخب المغربي لولا رضى الوالدينالذي ناله أسود الأطلسحين انحنى وليد الركراكي علىرأس والدته الكريمة،ذلك النبع الصافي الفائض بالحنان، الحاضرة بالصرح الرياضي التاريخي ملعب المدينة التعليمية بدولة قطر الشقيقة وسائر أمهات عناصر المنتخب المغربي، وحين عانق يوسف النصيري أباه. ذاك الرجل الذي غرس في ابنهموهبةالرياضة بقيمهاالأخلاقية العالية وبكل جهد ومثابرة؛فالتفت الأعناق بالأعناقوذُرفتِ الدموع،وحين راقص سفيان بوفال والدته- مشجعته-بساحة الملعب. إنها صورة الحضن الدافئ برمز أمومي أبوي، حيث تتوشج علاقة الترابط الثنائي القويويتعززالحنان الصادق الحقيقي.
سطع نجم ياسين بونو-أخطبوط إشبيلية- ولمع اسمه بمونديال قطر 2022. هوالدفاع القوي والحارس الأسطوريوالجدار الصامد أمام المنتخبات الرياضية العالمية،صاحب الابتسامة العريضة الدائمة، وأحد أفضل حراس المرمى في تاريخ المنتخب المغربي إسوة بحراس المرمى المغاربة السابقين، وأبرز اللاعبين العرب والأفارقة في الدوريات الأوروبية الكبرى. منتظم الأداء حسن السيرة.بمسيرة لافتة، انتزعياسين بونو- من خلالها- إعجاب المتابعين الرياضيين للكرة الأوروبيةكلهم، وجعل الجميع، يشيدون بخصاله رغم أن مساره الكروي لم يكن مفروشا بالورود والرياحين، امتُحِن- مرارا- ليُظهر كفاءته وليعود-في مشواره الرياضي- ملازمالبنْك البدلاء. حافظعلى نظافة مرماه وصمدت شباكه دون أن تلقى أي هدف من قبل المنتخب البرتغالي.تألقفشرَّفبتصديه للضربات الموجهة إلى مرماه، وعبر بالمنتخب المغربي إلى دور النصف النهائي لمونديال قطر 2022؛فكانت كلمات سير سيرسيرسير سير،،، تهيج كل عناصر المنتخب المغربي أسود الأطلس التي تزأر كالوحوش في البراريوالأدغال.
كل إنسان عربيهو- الآن- مغربيُّ الهوى والهُوية. نحن لا نحلم؛فهذه حقيقة تاريخية؛ شجُع المنتخب المغربيفتشجعْ وبطُل فاستبسلْ؛فإلى من ينتظر سقوطنا، نؤكد لهم بكل ثقة ونقول لهم:”إن بقاءنا أطول من أعمارهم”؛ لأن دفاع المنتخب المغربي كان حاضرا بكل قوة، فاز في مباريات بطولية بأداء رجولي هداف، جعل المغرب- على إثرها- يتلقى برقيات التهاني والتبريك،،، ولتتفجر الإبداعات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ وجد المغاربة بهذه المواقع ملاعب مفتوحة للتعبير عن فرحهم الجماعي في أعقاب التأهل التاريخي للمنتخب المغربي، وليُنهيَ المنتخب المغربي مونديال قطر 2022 بحصوله علىالمركز الرابع بعد مباراة بطولية ضد المنتخب الفرنسي ضمن النصف النهائي لكأس العالم (2-0) ومع المنتخب الكرواتي ضمن مباراة الترتيب (2-1)، وليحجز- بذلك- مقعدا ضمن المنتخبات الأربعة الكبار في النصف النهائي لمونديال كأس العالم قطر 2022. وليظفر ببرونزية المونديال في تاريخ بطولات كأس العالم منذ بدايتها سنة 1930، ولتبصم عناصر المنتخب الوطني- خلال مشوارها بمونديال قطر 2022- على ميزة مشرف جدا،ولتقدم- بذلك- صورة رائعة عن كرة القدم المغربية والإفريقية بعد أن أبانت عن مؤهلات رياضية وقدرات كروية ومعنويات عالية وتفوقت على منتخبات أوروبية كبيرة، تعج بأسماء نجوم رياضيين عالميين.
كان المساءُ من يوم الثلاثاء 2022/12/20 بمثابة عيد وطني حين عاد أسود الأطلس إلى وطنهم المغرب الذي فضلوه عن بلدان الإقامة من أجل مقارعة أبطال المنتخبات الرياضية العالمية الكبرى، حيث توافد ملايين المواطنين من مختلف ربوعالمملكة المغربية، حاجين إلى مدينة الرباط الجميلة الرائعة- عاصمة الثقافة والأنوار- لاستقبال أسود الأطلس والتعبير لهم عن فرحهم وسرورهم بهذا الإنجاز الرياضي غير المسبوق لأسود الأطلس، حيث حظي لاعبو المنتخب الوطني باستقبال شعبي حماسي وحشد جماهيري غفيرفي مشهد تاريخي،يضاهيه حدث المسيرة الخضراء التاريخي سنة 1975 بعد حدث ذكرى الحصول علىالاستقلال،وليحظوْا باستقبال ملكي سامٍرفقة أمهاتهم احتفاءًبهم وتقديرًا لهمعلى هذا الصنيع الرياضيوالإنجاز البطولي التاريخي الأمجد؛ فكان المشهد الجماهيري المغربي وكأنه يوم للاحتفال بسنة رياضية مغربية بتميُّز وامتياز، خلَق شحنة طافحة من المشاعر الفياضة، اختلطت فيها مشاعر الفرحة والغبطة بالرهبة والذهول.
لن ننس نهائيات كأس العالم مونديال قطر2022؛ فالمجد ثم المجد للمنتخب المغربي عالي الإسم والهمة؛فالواجب، يقتضي منا الثناء؛فالثناء،ثم الثناء على الأداء الرياضي الرائدللمنتخب الوطني. والمجد لأسود الأطلس الذين صنعوا التاريخ وأرخوا للذاكرة المغربية وللثقافة المغربية وللرياضة المغربية وللكرة الوطنية؛ فالحمد والشكر لله على المنتخب المغربي الذي وحَّد القومية العربية الإسلامية والإفريقية وأبهر الجميع ولامس قلوب العالم جميعها.
فشكرا-من القلب-يا أسود الأطلس على المفخرة التاريخية التي قدمتموها لوطننا العزيز المغربوعلى ما كان ينتظره منكم الشعب المغربي الكريم،وشكرا على الفرحة العارمة التي أدخلتموها إلى قلوب المغاربةكافة.