حياة الدرعي: غياب الاندماج المغاربي يكبد خسائر اقتصادية واجتماعية باهظة

عبدالرحيم نفتاح
احتضنت مدينة المحمدية في الفترة ما بين 16 و 18 فبراير الجاري، أشغال الدورة الرابعة عشر من فعاليات المنتدى الفكري المغاربي، الذي ينظمه مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، منذ أربعة عشر سنة بالتزامن مع ذكرى توقيع اتفاقية “اتحاد المغرب العربي” سنة 1989.
في هذا الإطار أجرت المنصة حوارا مع مديرة مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى-، الدكتورة حياة الدرعي، ورئيسة هذا المنتدى لتحدثنا عن السياق والمخرجات.
ماهي أبرز النقط التي وقف عليها المنتدى ؟
اخترنا في الدورة 14 لهذا المنتدى التركيز على موضوع “الإقليم المغاربي: تجليات الأزمة والمسالك الممكنة”، حيث انكب النقاش حول مناقشة التحديات والأزمات التي تواجه تفعيل الاتحاد المغاربي في سياق دولي يتسم بالتكتلات الإقليمية لمواجهة الأزمات الاقتصادية والصحية؛ الطارئة منها على وجه الخصوص.
وتوزعت أشغال المنتدى؛ الذي شارك في تأطيره أكاديميون جامعيون ونشطاء مجتمع مدني وفعاليات حزبية، إلى موائد مستديرة ناقشت مستقبل الأقطار المغاربية في ظل عالم متغير، وإشكالات الوحدة والاختلاف وما يطرحانه من تحديات أمام طموح البناء والاندماج المغاربي الذين كانا ولا زالا طموح الشعوب المغاربية لما يمكن أن يحققاه من تنمية وازدهار، وورشات موضوعاتية ركزت على تطلعات الشباب من المجتمع المدني والأحزاب السياسية ورؤاهم للمسألة المغاربية ودورهم في إبقاء الفكرة حية في الأذهان وسبل الترافع من أجل تفعيل الاتحاد المغاربي.
فعاليات هذه الدورة تعد “أول منتدى يعرف مشاركة من الدول المغاربية الأخرى بشكل حضوري بعد جائحة كورونا، إذ أن الدورتين السابقتين كان قد تم تنظيمهما بشكل حضوري بالنسبة للمغاربة وكانت مشاركة باقي الدول المغاربية عن بعد.

المنتدى ينظم في سياق اضطرابات مغاربية، هل وقفتم على مكامن الخلل؟
نعم، جاء تنظيم هذه الدورة من المنتدى، كما أعلن المنظمون خلال الجلسة الافتتاحية، في ظل سياق يعرف علاقات مغاربية مطبوعة بالكثير من الغموض والتعقيد المتواصل والمعيق لتفعيل الاتحاد.
فبعد مضي ما يزيد على نصف قرن على الاستقلالات المغاربية، لا تزيد الشقة بين الدول إلا اتساعا والخلاف عتمة، دون أن تتحقق الأهداف التي رسمتها الحركات الوطنية لتحقيق الديمقراطية الاجتماعية، والوحدة، والنهضة العلمية والفكرية التي شكلت عمق المشروع التحرري للحركات الوطنية.
هذه الدورة الرابعة عشر من المنتدى المغاربي تتزامن وسياقات مغاربية مضطربة، حيث أن ليبيا لا زالت تعرف انهيارا وتدهورا وغيابا لمقومات الدولة، أما التجربة التونسية التي انعقدت عليها آمال كبيرة، عرفت انتكاسة في السنتين الأخيرتين، والعلاقات الثنائية المغربية الجزائرية لا تزيد إلا تعقيدا…”
ماذا عن مخرجات هذه الدورة؟
أكد مجلس أمناء المنتدى المغاربي في البلاغ الختامي، الصادر عن أشغال المنتدى على الضرورة التاريخية والمجتمعية لتوحيد الفضاء المغاربي وفق إقرار حقوق المواطن المغاربي في التنقل، والإقامة، والعمل، والتملك، والمشاركة في الانتخابات، بين البلدان المغاربية الخمس؛ خصوصا أن دول الاتحاد المغاربي هي الأضعف بين التكتلات الإقليمية المختلفة، حيث يكبد غياب الاندماج خسائر اقتصادية واجتماعية باهظة.
وشدد على ضرورة تنشيط الاندماج لخلق دينامية تنموية تفضي إلى رفع النمو وخلق فرص العمل للشباب والحد من الفقر والتفاوت في شتى أشكاله، والعمل على تكوين قطب اقتصادي إقليمي يتوفر على كل مقومات النهوض الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والتطور الحضاري.
ووقفت مخرجات المنتدى على وجوب إيلاء الأولوية المطلقة للتداول وفتح قنوات الحوار السياسي وتجاوز التوترات البينية، وأكد على استمراريته عمل المنتدى المغاربي ودفاعه اللا مشروط عن الفكرة المغاربية والنضال الحثيث على دوام إشعاع الفكرة وترسيخها بتطوير تجربة إدماج الشباب في صلب أشغاله وفعالياتها وتأطيرهم لحمل مشعلها.
هل وجه المنتدى توصيات للمنظمات السياسية وغيرها من الفعاليات المجتمعية؟
نعم كانت توصيات موجهة لهذه التنظيمات، إذ دعا المنتدى إلى تفعيل دور الأجسام الوسيطة من أحزاب ونقابات وهيئات مهنية وجمعيات المجتمع المدني المغاربي من أجل التأثير الإيجابي والمساهمة في إيجاد مخارج وحلول لتجاوز الوضعية الحالية؛
وحث على تعزيز دور الشباب ودعم قدراته ومهاراته للقيام بأدوار متقدمة في إدارة الشأن العام وربط الصلات بين شباب المنطقة، وطالب بتدعيم مساهمة القوى الشبابية في بناء المجتمع المدني المغاربي وتجسير الفجوة بين السلطات السياسية في البلدان المغاربية.
وشدد أيضا على ضرورة تشجيع الأنشطة السياسية حتى يكون جيل الشباب قوة اقتراح وتنفيذ من أجل تجسيد مبادئ إعلان مراكش، بالإضافة إلى دعوته الأحزاب المؤمنة بالاتحاد المغاربي وجدواه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدفع نحو استكمال البناء المؤسساتي للاتحاد وإدراج الاندماج ضمن أولويات نضالها.
واقترح دعم التشبيك بين منظمات المجتمع المدني المغاربي وخاصة منظمات الشباب والطلبة والمرأة وحقوق الإنسان والفرق الرياضية والفنية والثقافية، ثم وقف عن ضرورة الحرص على إنشاء واقع شعبي وشبابي ومدني يتخطى كل المعيقات والخلافات ويوفر كل ظروف تأسيس الاندماج على أرض الواقع بتشبيك مختلف القطاعات والمكونات.