حقوقيون يفكون خيوط الاعتقال السياسي بالمغرب

قال محمد الزهاري رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، إن الغاية من الاعتقال السياسي بالمغرب هو “الحد من حرية المعتقل، أو عقابا له بمجرد إيمانه بعقيدة أو فكر معين أو رأي سياسي أو التعبير عنها”.
وأوضح خلال ندوة بعنوان “الاعتقال السياسي بالمغرب: سؤال الذاكرة والكُلفة والمآل”، نظمتها جماعة العدل والإحسان في إطار فعاليات الذكرى الأربعين لتأسيسها، أن هذا الاعتقال يمس الإنسان في حرية التعبير والرأي والحق في المشاركة في الأمور العامة للبلاد، والحق في الاحتجاج، وحقه في الحفاظ على أمانه الشخصي.
وأشار إلى غياب هذا المفهوم على المستوى الرسمي الوطني، بل يتم التحايل عليه خاصة عندما وجدت الدولة نفسها أمام تركة كبيرة جدا لانتهاكات حقوق الإنسان، بدأت تبحث حفظ ماء الوجه في هذا الاتجاه. إذ يتم اللجوء في الخطاب الرسمي إلى التصريح الملتوي عن الحقائق الفظيعة للانتهاكات الجسيمة التي مست حقوق الإنسان بالمغرب، وأحيانا الاعتراف “بالخطأ”.
وأردف الزهاري أن الاعتراف غير كافٍ لعدم اقترانه بمحاسبة ومساءلة الجناة الحقيقيين والمسؤولين المتورطين في الاعتقال السياسي. وهي خطوة اعتبرها محاولة من الدولة لطي تلك الملفات بالتعويض المادي الفردي عوض البحث عن العدالة الانتقالية على غرار التجارب المقارنة مثل جنوب أفريقيا أو الشيلي أو الأرجنتين أو اليونان أو إسبانيا وغيرها على حد تعبيره.
ممارسة ملازمة للدول الاستبدادية
في الندوة ذاتها اعتبر الناشط الحقوقي المغربي عبد الإله بنعبد السلام أن الاعتقال السياسي “هو ممارسة سياسية ملازمة للأنظمة الاستبدادية التي تفتقد لأية مشروعية ديمقراطية وهي تأتي للسلطة إما عبر المؤامرات أو التواطؤ مع الأجنبي أو عبر الانقلابات أو بتزوير إرادة الشعب”.
وأكد أن السلطات المغربية لم تتوان عن قمع الاحتجاجات الشعبية لمختلف الفئات الشعبية على مر تاريخها ومن مظاهر ذلك؛ الاعتقالات والاختطافات والتعذيب المؤدي إلى الموت أو عاهات مستديمة، واستعمال الرصاص الحي في عدد من تلك التدخلات، ولم تستثن حتى الأطفال.
وأشار إلى أن “النظام المخزني حافظ على جوهره الاستبدادي” رغم كل المظاهر التي قد توصف بالصبغة الديمقراطية، ومن ذلك بعض ما عرفته مرحلة التسعينات مما قد يوصف بالانفراج، قبل أن يعود إلى طبيعته القمعية الاستبدادية ومواصلة مسار الاعتقالات وقمع حرية الرأي والتعبير في صفوف المعارضين والصحافيين…
وقال إن “الجوهر الاستبدادي للنظام يتمثل في استمرار سياسة الإفلات من العقاب، خاصة عندما نجد المسؤولين عن الانتهاكات في الماضي ما زالوا يحتلون مواقع رئيسة في الأجهزة الأمنية والمخابراتية المختلفة، بل وترقيتهم”.
فشل في استعمال الوسائل الناعمة
في السياق نفسه تحدث رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان محمد النويني عن الاعتقال السياسي معتبرا إياه “اختيار ممنهج من قبل السلطات المغربية وأسلوب مفضل لديها”، مستطردا “أن هذه الظاهرة وما رافقها من انتهاكات جسيمة لم تغادر المغرب ما بعد الاستقلال”.
ونبه إلى أن هذا النهج “استعملته في مواجهة خصومها السياسيين، أمام فشلها في إعمال الوسائل الناعمة من قبيل الاحتواء والإدماج، والتطويع والتحكم من الداخل”.
وأضاف أن “هاجس السلطوية بالمغرب في القضاء على المعارضة وكبح جماحها، دفعها بعد الستينات إلى نهج سياسة الأرض المحروقة في مواجهة كل المناضلين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية”.