حوار

بعد 3 سنوات على الجائحة.. الهلالي تكشف للمنصة أسرار قوة وضعف المناعة (حوار)

60 / 100

مرت 3 سنوات على الجائحة التي ضربت العالم وأوقفت عقارب النمو وأحدثت إنقلابا غير مسبوق في منظومة الصحة الدولية.

وكان أبرز عامل في هذه الأزمة، الذي قاوم الجائحة في ظل غياب قوة رادعة لهذا الفيروس المتقلب الخطير، هو جهاز مناعة الإنسان.

في هذا السياق ولمعرفة عوامل قوة وضعف المناعة أجرت المنصة حوارا مع الدكتورة فتيحة الهلالي الباحثة في علم المناعة.

وأطلعتنا الهلالي في هذا اللقاء الصحفي على بعض أسرار جهاز المناعة، ومعطيات مهمة عن العوامل المرتبطة به والمؤثرة فيه..

حاورها: عبدالرحيم نفتاح
بصفتك باحثة في المناعة، ماهي الأمراض التي تهدد صحة الإنسان في حالة ضعف المناعة؟

أولا لابد من أن نشير إلى أن المناعة هي قدرة الجسم على التصدي لجميع الأجسام الدخيلة التي تشكل تهديدا لسلامة الجسم ولقدرته على استرجاع التوازن. فجهاز المناعة هو شبكة معقدة من الأجهزة الخلايا والبروتينات التي تشتغل بطريقة متناسقة لتحمي خلايا الجسم وتعيد له توازنه.

ثانيا وجوابا على سؤالك، لا يمكن أن نفصل المناعة على جميع الأمراض، فخلل في المناعة يكون نتيجة عن مرض أو سبب في مرض، فنقطة التقاء جميع الأمراض هو جهاز المناعة.

يمكن ان يصاب جهاز المناعة بخلل، هذا الخلل يمكن أن يكون أمراضا مرتبطة بالحساسية، فجهاز المناعة هو نظام حساس جدا، إذ يمتلك قدرة كبيرة على معرفة أي جسم دخيل على الجسم، كيفما كان حجمه أو نوعه، وهو ما يسمى عند الإنسان العادي بالاستجابة المناعتية.

من جهة أخرى، يوجد نقص المناعة، وهو مشكل أو مرض خلقي أو وراثي، وهو عبارة عن نقص في مكون من مكونات الشبكة المناعتية، حيث يتناول المصاب أدوية تعوضه عن هذا النقص، (إذا كانت متاحة).

ثم يوجد ما يعرف بالاضطرابات الذاتية، التي تشكل تناقضا في هدف جهاز المناعة، بحيث أن دور جهاز المناعة هو حماية جسم الإنسان، لكن بهذا الخلل، يقوم الجهاز بمحاربة الذات، عوض حمايتها والحفاظ على سلامتها.

وتفسير ذلك، هو عدم قدرة الجهاز المناعي على التمييز بين ماهو ذاتي وماهو غير ذاتي، لأن الجهاز السليم لديه القدرة على التفريق بين مكونات الذات، إذ يكون بينهما تعاطف، ولا يهاجمها، وعندما يلتقيها وهي بمعية جسم دخيل فيعطي إشارة على ضرورة محاربة هذا الجسم الغريب.

بعد 3 سنوات على الجائحة.. الهلالي تكشف للمنصة أسرار قوة وضعف المناعة (حوار) - أخبار المغرب
الهلالي خلال مشاركتها في احد المؤتمرات
هل هناك علامات محددة تؤشر لوجود ضعف في المناعة؟

اليوم يؤكد علماء المناعة، أن أمراض المناعة هي أمراض العصر بامتياز، إذ تم حاليا إحصاء أكثر من 100 مرض مرتبط بالمناعة الذاتية، ويجب الإشارة هنا إلى أن علم المناعة هو في بداياته، لأنه علم حديث جدا، وما نعرفه عن جهاز المناعة هو غيض من فيض، فما نعلمه أقل بكثير مما نجهله.

ما نعرفه حاليا هو أن حدوث الأمراض المناعية هو نتيجة لفسيفساء، يسميها علماء المناعة بالفسيفساء المناعية، يدخل فيها أسلوب الحياة، والنظافة، والتوتر، والهرمونات، وعوامل جينية وراثية، والسمنة والجراثيم، وبعض الأدوية، والأكل، النوم، قلة الحركة، البيئة، التعرض للسموم..

ويمكن لأمراض المناعة أن تكون سببا في الإصابة بأمراض مناعية أخرى، ويصبح عندها الشخص عرضة لأمراض أخرى.

لهذا فالعوامل المتحكم فيها التي لها علاقة بحدوث أمراض المناعة الذاتية، يمكن تفاديها وفق ما ذكرنا من أسباب تؤدي لذلك.

هل نمط عيش المغاربة اليوم يساهم في ضعف المناعة؟

نمط عيش المغاربة، وأكثر منه نمط العيش الغربي، والذي يدخل في إطار نمط العيش العصري، هو سبب من أسباب حدوث هذه الأمراض.

نحن نؤدي ضريبة الحياة العصرية، إذ نلاحظ اليوم مثلا قلة الحركة، انتشار كبير للثلوث بما في ذلك السموم المنتشرة في الهواء والماء والتربة، والمواد الكيماوية المستعملة في الزراعة، والغذاء السريع، والمواد الحافظة المستخدمة في المواد الغذائية المعلبة، وكثرة تناول الأدوية، والتوتر وضغوطات الحياة..

كل هذه عوامل مرتبطة بأسلوب الحياة العصري، ونحن ندفع الثمن غاليا، والأمراض المناعية هي جزء من ضريبة العيش بهذا الشكل.

بعد حوالي 3 سنوات على ظهور جائحة كورونا، هل استفاد المغاربة من هذا الدرس الوبائي، الذي كان عنوانه الأبرز “المناعة”.

أكيد استفدنا دروسا من جائحة كورونا، فالصحة هي أغلى ما يملك الإنسان، حيث لاحظنا في تلك الفترة أن قطاعات كثيرة توقفت، وأخرى تحركت، خدمة لصحة الإنسان.

عندما يكون لدينا مشروع دراسة أو مشروع تجاري، نسخر جميع الوسائل ونشتغل بجدية كبيرة للوصول للهدف، فبالطريقة ذاتها لازم أن نشتغل لخدمة هدف ومشروع صحتنا، لإبعاد خطر الأمراض.

في الأخير أؤكد أن الإنسان لديه القدرة والإمكانيات على التحكم في حوالي 40% من العوامل التي تضعف المناعة.

 

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى