
النويني : فشل في التدبير أم تدبير للفشل؟
في ظل النقاش المجتمعي الساخن حول مسببات الفساد الذي ينخر المؤسسات والإدارات العمومية المغربية، استحضرت ما قامت به اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي منذ بدء أشغالها، بإطلاق مسلسل الانصات والمشاورات لرصد انشغالات وانتظارات ومقترحات المواطنين والفاعلين المؤسساتيين، فقد دعي المواطنون والأحزاب السياسية والفاعلون المؤسساتيون، والفاعلون الاقتصاديون والشركاء الاجتماعيون، وممثلوا المجتمع المدني والهيئات المنظمة الكبرى، إلى التعبير عن تصوراتهم حول الإكراهات التي تواجه التنمية، فصرفت في ذلك أموال وجهود وأوقات، وقد تفاعل مع اللجنة حسب تقريرها الرسمي أكثر من 9700 شخص بشكل مباشر، وتلقت اللجنة بأكثر من 6600 مساهمة كتابية، والكل أكد على ضرورة ترسيخ مبادئ الحكامة الرشيدة، وجودة الولوج إلى الفرص الاقتصادية والشغل، وضمان تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وتخليق الحياة العامة، والمكافحة الصارمة للفساد والامتيازات غير المستحقة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ دولة الحق والقانون.
وأنه لتحقيق هذا الطموح اقترحت لجنة النموذج التنموي التركيز على 5 أهداف رئيسية ( مغرب مزهر يخلق الثروات وفرص العمل، مغرب الكفاءات، مغرب دامج يوفر الفرص والحماية للجميع، مغرب الاستدامة، مغرب الجرأة)
لكن للأسف بقي كل ذلك التخطيط مجرد حبر على ورق، والشواهد على ذلك كثيرة، فالمحسوبية والزبونية هي سيدة الموقف، والهشاشة والضعف الاجتماعي والاقتصادي هو عنوان المرحلة، والتسيب والافلات من العقاب وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة هو واقع الحال المأسوف عليه.
وبرجوعنا إلى آخر التقارير الأممية الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2022، نجده يصنف المغرب بناء على مؤشر التنمية في ذيلية المراتب، حيث احتل في المشاركة الاقتصادية والفرص على المرتبة 139 ، وفي مؤشر التحصيل العلمي المرتبة 114 ، وفي مؤشر الصحة والبقاء على قيد الحياة المرتبة 131.
وحسب تقارير وطنية رسمية التحق مؤخرا بركب الفقراء أكثر من 3 ملايين مغربي بسبب الغلاء الفاحش للأسعار، وانقطاع أكثر من 331 ألف تلميذ عن الدراسة سنويا.
إن المتأمل في هاته المآلات المقلقة لكل المخططات والمشاريع التي تتبناها السلطة السياسية بالمغرب، تظهر لنا أنها مجرد صيحة في واد، لا تسمن ولا تغني من جوع ولا طائل منها، بل مجرد مخذر مؤقت للشعب الغرض منها تدبير مرحلة لا غير، وبأن ذلك يؤشر عن تدبير الفشل وليس فشل في التدبير، أمام غياب إرادة حقيقية نحو التغيير المنشود والتحول الديموقراطي المطلوب.
ذ/ محمد النويني