وجهات نظر

النويني: تجليات استهداف مهنة المحاماة بالمغرب

60 / 100

 

دفعة واحدة وفي فترة وجيزة عمدت الحكومة المغربية في شخص وزيري العدل والمالية، ودون إشراك للمؤسسات الرسمية لمهنة المحاماة، إلى تسريب امتحان مزاولة مهنة المحاماة، ومسودة مشروع قانون المهنة، وكذا مشروع قانون المالية لسنة 2023 ، ضاربة عرض الحائط كل القواعد والضوابط المعمول بها في التقنين والتشريع، ومخالفة بذلك ما أقره المشرع الدستوري من مقتضيات وأحكام ومبادئ جديدة، متصلة بالديمقراطية التشاركية وآليات الحوار والتشاور بين مختلف السلطات العمومية والمنتخبة، والمواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني والهيئات الوصية على المجال موضوع التشريع.

إن ممارسة مهنة المحاماة بالمغرب أصبحت تعرف العديد من التحديات والاكراهات بالنظر إلى غياب الشروط الكفيلة بتوفير الحماية لها من قبل الجهات الرسمية للدولة، وهذا يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لممارسة مهنة المحاماة والتي من بينها:

▪️ضمان القدرة على أداء جميع وظائهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق
▪️عدم تعريضهم، أو التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها.
▪️ للمحامين شأنهم شأن أي مواطن آخر، الحق في حرية التعبير وتكوين الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات، ويحق لهم بصفة خاصة، المشاركة في المناقشات العامة المتعلقة بالقانون وإقامة العدل وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
▪️تكفل الحكومات توفير التمويل الكافي والموارد الأخرى اللازمة لتقديم الخدمات القانونية للفقراء ولغيرهم من الأشخاص المحرومين، حسب الاقتضاء، وتتعاون الرابطات المهنية للمحامين في تنظيم وتوفير الخدمات والتسهيلات وغيرها من الموارد.

إن الحكومة المغربية ترى في مهنة المحاماة فقط ذلك الورش الذي يستوعب الآلاف من حاملي الشواهد المعطلين دون إسهامها في تكوينهم وتأهيلهم ودعمهم رغم المناداة الدائمة والمستمرة من خلال توصيات مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب بضرورة التعجيل بإحداث معاهد جهوية للتكوين الأساسي، وتحمل الدولة مسؤوليتها في هذا الإطار، وتوسيع مجال تدخل المحامين في جميع القضايا تحقيقا للولوج المستنير والمتبصر للعدالة، والرفع من مستوى المؤهل العلمي إلى شهادة الماستر في شعبة القانون، مع
اعتماد نظام المباراة بدل الامتحان ومراعاة إمكانات الهيئات على مستوى التمرين والتكوين، إلى جانب الإشراف الفعلي وبشكل تشاركي لجمعية هيئات المحامين بالمغرب على مباراة الولوج..

إن إلزام المشتغلون بمهنة المحاماة فقط دون غيرهم من المهنيين الآخرين بالأداء المسبق عن الضريبة على الدخل، مع إعمال آلية الاقتطاع من المنبع، والرفع من نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 10% إلى 20% نسجل عليه الملاحظات الآتية:
▪️يثقل كاهل المواطنين بأداء ضرائب عن تعويضات أو خدمات قضائية جلها ذات بعد اجتماعي وإنساني.
▪️يتناقض مع مبدأ النظام الضريبي الذي يقوم على احترام المساواة كشرط مسبق لدفع الضرائب وتحقيق العدالة الضريبية.
▪️يتعارض مع مبدأ الإقرار المعمول به في النظام الضريبي، حينما تم فرض الأداء عن مبالغ يفترض تحصيلها لاحقا.
▪️يخالف توصيات المناظرة الوطنية الثالثة التي نادت باحترام الحقوف الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين،وإرساء ميثاق قوامه الثقة يشجع على الانخراط في المنظومة الجبائية، ويرسخ وضوحها وسهولة الولوج إليها وقبولها من لدن الجميع، وذلك من خلال توسيع الوعاء الضريبي، وتطبيق ضريبة منخفظة وجزافية على الأنشطة ذات الدخل المحدود، مع دعم القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة.
▪️لا ينسجم مع مبادئ النظام الضريبي التي تفرض ارتكازها على المشروعية الضريبية ومبدأي الإنصاف والمساواة وتحميل أعباء أدائها بين جميع الملزمين بحسب القدرات التكليفية لكل ملزم.

الأستاذ محمد النويني محام بهيئة الدارالبيضاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى