رياضةحوار

كوسي .. عداء مغربي يروي خلافاته مع الإدارة التقنية ويستنكر سياسة “العصا فالرويضة” (حوار)

 

محمد كوسي، بطل مغربي في المسافات القصيرة، يبلغ من العمر 28 سنة، حامل الرقم القياسي الوطني لفئتي 110 أمتار حواجز و60 مترا حواجز، يشتكي تعرضه للإقصاء والتهميش والمعاملة المهينة من طرف المسؤولين على الإدارة التقنية الوطنية.

تواصلنا معه للتعرف على تفاصيل قصته مع المنتخب المغربي، وروى لنا جانبا من معاناة الرياضيين بين الظروف المادية العصيبة والشروط الرياضية غير المناسبة، وبين الممارسات المختلفة والضغوطات النفسية التي يتعرضون لها.

 

حاوره : معاذ أحوفير

كوسي .. عداء مغربي يروي خلافاته مع الإدارة التقنية ويستنكر سياسة "العصا فالرويضة" (حوار) - أخبار المغرب

 

بداية، هلا حدثتنا عن نبذة حول مشوارك في ألعاب القوى ؟

 

بدأت ممارسة سباقات السرعة في سن مبكرة، وشاركت في عدد من المسابقات الجهوية والوطنية، وسنة 2012 تمكنت من تحقيق “مينيما” بطولة العالم للناشئين، وخامس أفضل إنجاز عالمي في العشاري بمجموع 5821 نقطة، غير أنني لم أحصل على فرصة السفر للمشاركة الدولية وتم تعويضي بمتسابق آخر في تخصص مختلف، ومثلت المنتخب المدرسي في البطولة العربية بالمملكة العربية السعودية، في الفترة ذاتها.

سنة 2013 حصلت على ميدالية في بطولة إفريقيا وصنفت ضمن أفضل 20 عالميا، تم تصعيدي لمنتخب الكبار سنة 2014 وبدأت تحطيم الأرقام القياسية على يد مدربي عبد النبي عبيد، وكان الهدف هو أولمبياد طوكيو 2020.

اعتدت إجراء تحضيرات لمدة 3 أشهر سنويا رفقة فريق رياضي بفرنسا، للاستعداد بجانب رياضيين على أعلى مستوى وضمن حصص تلائم تخصصي، وسنحت لي الفرصة للتدرب مع أبطال عالميين وأولمبيين، في الوقت الذي تفتقد فيه ألعاب القوى الوطنية لأبطال في هذا الصنف.

 

كيف بدأت قصة استبعادك ؟

 

سنة 2016، حدثت مشاكل “غيرة” بين المدربين بعد تحقيقي لعدد من الإنجازات وتم طرد المدرب عبيد في نهاية العام، في 2018 حققت الرقم المؤهل لبطولة العالم داخل القاعة في سباق 60 متر حواجز لأول مرة في تاريخ الرياضة المغربية.

في سنة 2019، قبل أسبوعين من ملتقى محمد السادس اتصلت بالمدير التقني وأكد لي تسجيل إسمي في قائمة المشاركين.

سافرت للمشاركة في ملتقيات لييج وبروكسيل وجنيف وتفوقت على منافسين من مستوى عالي، واكتملت جاهزيتي للعودة إلى المغرب، قبل أن أتفاجأ بأن الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى لم تسجل إسمي ورفضت الإجابة على اتصالاتي.

واصلت العمل والاجتهاد استعدادا للاستحقاق الموالي، لكن قبل 3 أيام من الألعاب الإفريقية طلب مني 3 اختبارات مفاجئة للمنشطات قبل البطولة، ورغم موافقتي على إجرائها وجدت الجواب هو أنه فات الأوان على ذلك ولم يعد بإمكاني المشاركة، وتوج متسابق جزائري بالميدالية الذهبية، في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الوطنية التركيز على المسافات المتوسطة والطويلة، ويبزغ فيه نجم بلدن جديدة في ساحة المسافات القصيرة.

 

ماذا عن إصابتك وتفاعل الإدارة التقنية الوطنية ؟

 

تعرضت لإصابة على مستوى الركبة، تحاملت على نفسي وحصلت على حصص متتالية للوخز بالإبر للالتحاق بالوفد المغربي في البطولة العربية، وحققت البرونزية، غير أن الإدارة التقنية أصرت على إشراكي في سباق التتابع وهو ما رفضته مراعاة لوضعيتي الصحية.

بعد القدوم للمملكة أجبرني المدرب على المشاركة في بطولة المغرب مما فاقم إصابتي، وتلقيت إشارة من طبيبي الخاص بتوقيف نشاطي لهذا الموسم.

بعد ذلك تلقيت خطابات رفض متتالية عند تقديم طلب الحصول على التأشيرة من أجل السفر للمشاركة مع فريقي في فرنسا، واستغلال الفرصة للحصول على استشارة طبية خارج أرض الوطن، وحسب اتصالاتي المتكررة مع القنصلية أجد أن الرفض سببه تعليمات إدارية من الجامعة.

تواصلت مع إدارة المعهد والتي توعدت بمتابعة حالتي، بيد أن مديرة المعهد اعترضت على تمويل حصص التأهيل، وطلبت مني توقيع اعتذار رسمي للإدارة التقنية من أجل العودة لمعسكر المنتخب، ورغم استجابتي قوبل الطلب بالرفض من طرفه، وكان جواب المديرة “انتزر حتى يرحل وستجد لك موطئ قدم في المنتخب!”.

كرياضي، لا أحصل على أي تأمين لتعويضي عن تكاليف حصص العلاج، والمواكبة الطبية المتواصلة، وأقوم بدفع المصاريف من مالي الخاص، في غياب التغطية الصحية أو الضمان الاجتماعي.

 

 

ما هي أشكال المعاملة التي يتعرض لها الرياضيون المغاربة من طرف المدير التقني ؟

 

الرياضي المغربي لا يملك هيئات للدفاع عنه ولا يتوفر على أبسط شروط ضمانات الاستمرار، بذلك يكون مجبرا على عدد من الخطوات التي تخالف طموحات ومتطلبات مسيرته الرياضية، في غياب لأي مراعاة لظروفه الصحية أو خصائص الصنف الرياضي الذي يحترفه.

أحد أعضاء المنتخب في صنف الماراثون شارك في 3 سباقات هذا العام، لحدود اللحظة، ويتم إجباره على المشاركة في سباقات الطريق والملتقيات، رغم كونه مقبلا على مشاركة في بطولة العالم والأمل كبير في تحقيقه لميدالية.

الإدارة التقنية تتعامل بانتقائية مع الرياضيين، ويحصل عدد منهم على امتيازات خاصة في التداريب والبرامج التأهيلية والاختبارات الفجائية في غياب أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، في المقابل يتم محاربة عدد من المواهب ذوي الإمكانيات المهمة والإنجازات المميزة.

المدير التقني متورط في إهانة عدد من الرياضيين، إضافة إلى تهديدهم من منطلق سلطته وصلاحياته داخل المعهد، وسبق له طرد أحد العدائين بسبب اعتراضه على عمل المجموعة التي يتدرب ضمنها.

بعض الأطر لم يسلموا من المعاملة السيئة وتثبيط عزيمتهم، ويتم فصلهم باستمرار عن المجموعات التي اعتادوا العمل معها، وعدد منهم يعانون ظروف معيشية صعبة تجبرهم على الاستمرار.

 

كيف تصف الوضعية الحالية التي تعيشها ؟ 

 

الفترة الحالية من عمري الرياضي هي أوج العطاء، أحتاج فيها الدعم الكامل للتركيز على مشواري وتحسين أرقامي الشخصية والعمل على تحقيق إنجازات خارجية لألعاب القوى المغربية.

تعرضت لإجهاد كبير من فرط المشاركات الداخلية والخارجية والإكثار من الملتقيات، بدلا من تحديد هدف متوسط المدى مثل أولمبياد باريس المقبل.

تواصلت مع أسرة ألعاب القوى وترفض إلى حد الآن منحي مستحقاتي المتعلقة بتحطيم الرقم القياسي الوطني في مسافة 110 متر حواجز، والبالغة 5000 درهم، بداعي أنه لم تصدر أي مذكرة بخصوص منحة مقابل تحطيم الأرقام القياسية.

علما أنني سبق لي الحصول على مستحقات مالية بعد تحطيم أرقام قياسية في فئات الصغار والشبان والكبار، داخل وخارج القاعة، وأعدت تحطيم أرقامي سنة 2018، وتلقيت مقابلا ماديا لجميع هذه الإنجازات.

في الوقت الحالي، أحاول تحصيل مداخيل مادية جانبية من أنشطة بعيدة عن الرياضة لتجديد محاولات الحصول على تأشيرة من أجل الانضمام إلى فريقي في فرنسا ومتابعة حصص التأهيل لاستعادة كامل جاهزيتي البدنية.

لا أخفيك سرا بأن فكرة الهجرة تراود معظم الرياضيين المغاربة، لا يرون أي أفق في ظل الطريقة الحالية التي تدار بها الأمور، في الآن نفسه يسيطر الخوف على عدد منهم حيث يعجزون عن حكي ما يتعرضون له، ويفضلون الصمت لتجنب الاستبعاد.

رسالة أخيرة ..

 

في مشوار الرياضيين يتطلب الوصول إلى الأهداف وتحقيق الطموحات التفرغ للمسار الاحترافي على حساب المسار الدراسي والمهني، غير أن الظروف التي يعيشها الرياضيون تصيب العشرات باليأس ويتعرض عدد منهم لنكسات صحية ونفسية وصدمات تهدد سلامتهم الجسدية، وبمجرد ابتعادهم عن المضمار يجدون مشاكل في الاندماج والحصول على وظائف كريمة.

الرياضة تعتبر المفر من الإدمان والعادات السيئة، ويتوجب على المسؤولين في هذا البلد توفير اللوازم الأساسية للرياضيين من أجل مساعدتهم على تحقيق الإنجازات.

المستقبل مظلم والأفق مسدود، ورسائل الإحباط تتسرب إلى الناشئين ومشاريع الأبطال، مما يهدد مستقبل الرياضة الوطنية، ويضطر عددا من العدائين إلى الهروب من المعسكرات خارج المغرب، أو الهجرة غير النظامية للبحث عن فرص أفضل، لإنقاذ مشوارهم الرياضي أو تحسين ظروفهم المعيشية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى