القطاع النسائي للعدل والإحسان: إصلاح أوضاع المرأة يرتبط بالقطع مع سياسات الفساد والاستبداد

قال القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، إن آمالا واسعة وطموحات مشروعة “تأبى قوى الاستكبار العالمي بتغولها وعولمتها المتوحشة إلا أن تجعلها أضغاث أحلام، حيث تفتح ملايين نساء العالم أعينهن في كل مناسبة على واقع هو أسوأ من سابقه، واقع تمزقه الحروب، تتجاذبه الصراعات، تحكمه المصالح، ويتغذى فيه الفساد على استنزاف الثروات وتجويع العباد وتخريب القيم الإنسانية، فتتلاشى فيه كل خطابات الحقوق والواجبات، وتذوب فيه قيم المسؤولية والمحاسبة، ويؤدي ثمنه المستضعفون من النساء والرجال تهجيرا وتشريدا وتفقيرا وتجويعا، وإن بدرجات متفاوتة”.
وأبرزت في بيان بمناسبة 8 مارس أنه “لا غرابة أن يكون للاستكبار العالمي امتداد في أوطاننا العربية، تدور رحاه لتسحق كل محاولات التحرر والانعتاق من ربقة الاستبداد، وتُفشل كل مبادرات التحول الديمقراطي الرامية إلى تكريم الإنسان والرفع من قيمته، وتُخرس الأصوات الحرة الصادقة المطالبة بحقوقها في العيش الكريم. مبادرات كلما سعى إليها المواطن العربي جهده، إلا وأحكم أخطبوط الفساد الخناق حول رقبته، إما بوضع حد لحياته، أو سلب حريته، أو تشويه سمعته، أو تضييق رزقه في دوامة لا تنتهي من محاولات الإخضاع والإذلال”.
وتابع القطاع مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي تتغنى فيه أنظمتنا السياسية بشعارات حقوق النساء، وبرامج التمييز الإيجابي لفائدة النساء، وأهمية المساهمة النسائية في تنمية المجتمعات، فإنها لا تتحرج من الانقلاب على تلكم الشعارات ونقضها من أساسها، وذلك من خلال جعل قضايا النساء في ذيل سلم أولوياتها، وعلى هامش برامجها التنموية الوهمية، والإجهاز على حقوقهن، وتكريس هشاشتهن، والتضييق على نضالاتهن واختياراتهن السياسية، يشهد على ذلك العديد من التقارير الرسمية وغير الرسمية”
.
أما فيما يخص المغرب-يضيف المصدر ذاته- فالنساء يستقبل هذه السنة ذكرى الثامن من مارس، “وسط تردِّ فاضح للأوضاع على مختلف الواجهات، السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، يطبعها غلاء مهول للأسعار، وارتفاع غير مسبوق لثمن المحروقات، في ظل قدرة شرائية ضعيفة للمواطنين، ناهيك عن التردي الكبير للخدمات الاجتماعية الضرورية، خصوصا في مناطق المغرب العميق”.
ونبهت نساء الجماعة إلى وجود أزمات وانتكاسات تًكَذب كل شعارات الحكامة والتنمية والرعاية الاجتماعية، و”تجعل أمن البلاد على المحك، واستقراره على صفيح ساخن، وذلك بسبب تمادي الدولة في نهج سياسات التفقير والتمييز، وتقاعسها الممنهج عن القيام بدورها في ضمان العدالة الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي للمواطنين، وتمتيعهم بحقوقهم العادلة والمشروعة، مما يجعل الفئات الهشة تغرق في هشاشتها، وفي مقدمتها النساء”.
وشددت على أن مطالب حقوق النساء في المغرب تكاد تفقد الطعم واللون، “في ظل واقع لم تفلح مساعي التبييض الدعائية في إخفاء انتكاساته وأعطابه”، لافتة إلى أن “نسب الفقر والبطالة والعنف بين النساء في ارتفاع متزايد، والاستغلال البشع لليد النسائية العاملة خاصة في القطاعات غير المهيكلة مستمر، والهدر المدرسي في صفوف الفتيات بات مقلقا في ظل منظومة تعليمية مهترئة، أما نسب الوفيات من الأمهات في مراكز ومستوصفات تغيب فيها أدنى شروط الرعاية الطبية، فقد أضحى من أبرز تجليات إفلاس الدولة في حماية حياة مواطنيها كأقل واجب، حتى بات مطلب توفير الدولة لحقوق النساء وحمايتها معادلة مستعصية على الحل”.
وأردفت أن حقوق المرأة في أن تنعم بحياة مستقرة وحقوق مستحقة، زوجة وأرملة ومطلقة وعازبة، فأحلام يبدو أن دونهَا خرطُ القتاد!”.
وقال القطاع النسائي إن المطالبة بحقوق النساء في المغرب فرع من أصل، ولا يستقيم عود إلا على أساس، مستدركا أن أوضاع المرأة وحقوقها لا يمكن مقاربتها إلا في إطار إصلاح شامل يقطع مع سياسات الفساد والاستبداد، ويحفظ كرامة المواطن المغربي، ويضمن حقوقه الأساسية واستقراره النفسي والأسري، ويراعي هويته ومرجعيته الدينية، وخصوصيته المجتمعية.
ووقف عند تحمل مؤسسات الدولة مسؤولياتها في بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية وتعليمية جادة، بعيدا عن الضغوطات الدولية، وإنصات لهموم الناس واحتياجاتهم ومطالبهم المشروعة، وفتحِ حوارات مسؤولة، عوض نهج سياسة الأذن الصماء، والتسويف، والمقاربة القمعية المخزنية لإخراس الأصوات الحرة وحصار الحركات المجتمعية الجادة، “وما التضييق الذي تتعرض له نساء العدل والإحسان وحرمانهن من حقهن في الفضاء العام، ومن حقهن في تأسيس جمعيات نسائية أو الانخراط فيها، وما يطال أنشطتهن من حصار، إلا وجه سافر من أوجه سياسة القمع الممنهج ضد كل صوت يغرد خارج السرب”.