حوار

الفلاق الحاصل على جائزة كتارا: المغرب يتوفر على مدرسة نقدية قوية معترف بها (حوار)

68 / 100
أجرت المنصة حوارا مع الكاتب والباحث الشاب سعيد الفلاق بمناسبة حصوله قبل أيام على جائزة كتارا العربية في نسخة 2022 إلى جانب الكاتبين سعيد يقطين وعبدالمجيد النوسي.
يتحدث لنا الفلاق عن تجربته البحثية في مجال النقد، بالإضافة إلى حديثه عن التجربة النقدية بالمغرب، ومكانها بين التجارب العربية.
في هذا الحوار نتناول أيضا الرهانات التي تشغل بال الباحث الأدبي بالمغرب، وتأثير التكنولوجيا على الإنتاج الأدبي.
حاوره: عبدالرحيم نفتاح

فزت هذه السنة بجائزة كتارا العربية العريقة إلى جانب الدكتور سعيد يقطين، والدكتور عبدالمجيد نوسي، ماذا يعني لك هذا التتويج بصفتك باحثا شابا؟

أكيد يعني الكثير بالنسبة لكاتب شاب يرتاد مجالا علميا صعبا. الفوز إلى جانب الدكتورين سعيد يقطين وعبد المجيد النوسي بحد ذاته تتويج، فليس سهلا أن تكون إلى جانب ناقدين مرجعيْن في تخصّصهما ­(السرديات، السيميائيات). إضافة إلى أنني أفتخر بكوني تتلمذتُ على يد أستاذي يقطين. تعلّمت من دراساته ومؤلفاته الرصينة المنهج في التفكير، والجدّ في العمل، والجرأة في طرح الأسئلة. لكني مثلما أقول باستمرار بأن هذا التشريف يخفي وراءه تكليف أيضا. لا مجال الآن للتراجع إلى الخلف أو النكوص، بل يجب الاجتهاد ومواصلة النظر إلى الأمام، والعمل على دراسات ومؤلفات أخرى.

حدثنا عن بحثك “السرديات من النظرية البنيوية إلى المقاربة الثقافية بالمغرب” الذي توجت بفضله؟

يتحدث الكتاب عن السرديات عبر رصد تطورها من الإبدال البنيوي إلى الإبدال الثقافي، فالنظرية السردية مرت بمرحلتين كبيرتين؛ الأولى كانت تدرس النظر بمعزل عن سياقاته، تم التأسيس في هذه المرحلة لنظرية سردية شكلية، ثم فيما بعد برزت الحاجة إلى النظر في الجوانب السياقية للنص على اعتباره أنه ليس بنية معزولة عن المجتمع والثقافة والتاريخ والسياسة، بقدر ما هو شبكة من العلاقات ذات امتداد متعدد.

 بهذا الفهم، يدرس الكتاب نصوصا روائية عربية باستحضار مفاهيم تنتمي إلى المرحلتين معا. لأنني أومن بأنه لم يعد ممكنا تناول النص الأدبي من زاوية واحدة، وإقصاء ما دونها. ويتوقف الكتاب أيضا عند مفهوم السرد والسرديات والتحليل السردي من جهة، ثم رصد الجدالات التي صاحبت نشأة الجنس الروائي، وعلاقة ذلك بالتطور التكنولوجي مع ظهور الوسائط التفاعلية الجديدة من جهة أخرى.

الفلاق الحاصل على جائزة كتارا: المغرب يتوفر على مدرسة نقدية قوية معترف بها (حوار) - أخبار المغرب

قبل هذه الجائزة، فزت بجوائز عربية ووطنية، قربنا أكثر من هذه التتويجات؟

سبق أن فزتُ بجائزة القراءة الوطنية بالمغرب، وهي جائزة سنوية تنظمها شبكة القراءة بالمغرب، وتُقدم لأحسن قارئ خلال تلك السنة استنادا إلى مجموعة من المعايير.

فزت كذلك بجائزة راشد بن حمد الشرقي بالإمارات عن كتاب “التخييل التاريخي في الرواية العربية المعاصرة”، وهو كتاب يدرس العلاقة الإشكالية والملتبسة بين التاريخ والرواية التاريخية.

من خلال تجربتك، كيف تقيم التجربة النقدية بالمغرب؟

التجربة النقدية المغربية جادة وغنية، لها مكانة خاصة في العالم العربي. لدينا -الآن- مشاريع نقدية في السرديات والسيميائيات واللسانيات، لكنها تظل مشاريع فردية بمجهودات شخصية، لم نصل بعد إلى مفهوم المؤسسة الأدبية التي تكون حاضنا فعليا وقويا لهذه المشاريع من ناحية، والمشاريع الشابة من ناحية ثانية.

أدعو في هذا السياق إلى أهمية ربط السلف بالخلف للحفاظ على هذا الامتياز المغربي في مجال النقد الأدبي.

 

برزت أسماء مغربية عديدة في جوائز أدبية عربية عريقة خلال السنوات الأخيرة، هل يمكن أن نقول أن الإنتاج في هذا المجال بخير؟

يمكن القول بأن النقد المغربي بخير، ويعيش إحدى المراحل الزاهية في حياته بعد مرحلة جيل الرواد.صحيح أنه يعاني نوعا من الإنكار الداخلي غير المبرر، لكنه خارجيا يلقى الكثير من الترحاب. لعل فوز ثلاثة مغاربة دفعة واحدة بجائزة كتارا، صنف الدراسات النقدية هذه السنة خير مثال على هذا الاحتفاء والتفوق. إذ صار من الصعب جدا أن تجد جائزة نقدية دون متوّجين مغاربة. هذا يبرهن أننا نتوفر على مدرسة نقدية قوية معترف بها.

ماهي الرهانات التي تؤرق بال الباحث الأدبي بالمغرب اليوم؟

هناك الكثير من الرهانات التي تشغل بال الباحث الأدبي بالمغرب على رأس هذه الرهانات الرغبة في الإسهام -قدر الإمكان- في تطوير الدرس النقدي والأدبي المغربي والعربي. بدل استنساخ أو اجترار مفاهيم ودراسات من هذا السياق أو ذاك. الجدة هي الرهان الصعب. غير أن الباحث السردي المغربي بالخصوص لديه وعي منهجي قد يمكنه من تجاوز الصعاب، وارتياد الأسئلة الملحة والصعبة التي تجعلنا داخل العصر وليس على هامشه.

في عصر التكنولوجيا وفي ظل واقع ضعف القراءة بالمغرب، هل يؤثر ذلك على مسار الإنتاج الأدبي بالمغرب؟

من الممكن -بل من الضروري- جعل عصر التكنولوجيا خادما للنقد والقراءة وليس العكس، مع الوسائط الرقمية الجديدة أضحى من السهل الاطلاع على الكتب والمجلات في شتى اللغات.

المعرفة الآن مشاعة للجميع. لماذا لا نستغل هذا الوضع لصالحنا؟ أين الخلل إذن؟ أعتقد أن المدرسة هي المفتاح الرئيس.

ما زلنا نتعامل مع عصر التكنولوجيا على أساس أننا مستهلكين سلبيين لا غير. نستهلك الفايسبوك والأنستغرام والفيديوهات الفضائحية والأخبار الزائفة. إننا نسبح في عصر من التفاهة أو بتعبير آلان دونو “نظام التفاهة”.

لا خلاص إن لم نتحول من الاستهلاك العبثي إلى الاستهلاك الثقافي والعلمي الذي يعقبه الإنتاج والابتكار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى