الطاقة: أسعار الوقود في المغرب.. عام من الحرب والغلاء والاحتجاجات (تقرير)

عن الطاقة

تركت الحرب في أوكرانيا، التي بدأت في فبراير (2022)، أثرًا كبيرًا بأسعار الوقود في المغرب، ضمن دول عربية أخرى تأثرت بقوة جراء الأزمة التي خلّفتها حالة الارتباك وعدم اليقين بشأن العرض في الأسواق.

وتلقّت أسواق المحروقات في المغرب صدمة قوية مع ارتفاع أسعار النفط العالمية، ولا سيما أنها كانت تعاني في الأساس ارتفاعًا كبيرًا، أثار غضب المواطنين؛ حيث إن حكومة الرباط كانت قد اتخذت قرارًا برفع أسعار الوقود في البلاد، قبل بدء الحرب بنحو أسبوعين.

وأدى ارتفاع أسعار الوقود في المغرب إلى مستويات قياسية، في أكثر من مناسبة، إلى احتجاجات شعبية، بعضها طالب الحكومة بالخفض، والبعض الآخر اختار سلاح المقاطعة للضغط على محطات الوقود والحكومة للاستجابة لمطلب الدعم، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

قفزة قبل الحرب في أوكرانيا

ارتفعت أسعار الوقود في المغرب، في 8 فبراير (2022)، إلى مستويات كبيرة؛ حيث سجّل سعر السولار 10.88 درهمًا، وارتفع سعر البنزين إلى 12.50 درهمًا (1.22 دولارًا)، وهي أرقام لم تكن الأسواق المغربية قد شهدتها من قبل، ولكنها -قياسًا إلى الأسعار الحالية- أصبحت طبيعية.

وفي شهر مارس 2022، وهو أول شهر بعد الحرب في أوكرانيا، سجّلت الأسعار ارتفاعًا طفيفًا؛ حيث بلغ سعر البنزين 12.97 درهمًا (1.26 دولارًا أميركيًا)، كما ارتفع سعر لتر الديزل إلى 11.21 درهمًا (1.1 دولارًا أميركيًا).

مع الارتفاع الجديد، بدأ قطاع النقل البري للركاب والبضائع في المغرب إضرابًا عن العمل؛ رفضًا لرفع أسعار الوقود؛ حيث بدأ الإضراب في 8 مارس، واستمر لمدة 3 أيام، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

(الدرهم المغربي = 0.097 دولارًا أميركيًا).

وقبل أن ينتهي مارس2022 لم يتخلَّ الشهر عن أزماته؛ حيث شهد ارتفاعًا جديدًا في 31 من الشهر نفسه كان صادمًا؛ حيث تخطى سعر لتر الديزل سعر لتر البنزين للمرة الأولى في تاريخ البلاد، ليصل إلى نحو 14.50 درهمًا (1.50 دولارًا أميركيًا).

في الوقت نفسه، شهدت أسعار الوقود في المغرب زيادة تاريخية في شهر أبريل، مع بلوغ سعر لتر البنزين أعلى مستوياته، بنحو 14.44 درهمًا (1.47 دولارًا)، ليتجاوز حجم الزيادة أكثر من 3 دراهم خلال أقل من أسبوعين.

احتجاجات متواصلة ضد الزيادة

في شهر مايو 2022، واصلت أسعار الوقود في المغرب ارتفاعها، حتى بلغت، بحلول منتصف الشهر، نحو 14.70 درهمًا للتر الديزل في أغلب مدن المملكة، بينما سجل سعر لتر البنزين 15.55 درهمًا (1.55 دولارًا أميركيًا)، وفق موقع “غلوبال أويل برايس”.

وبعد الزيادة الأخيرة اندلعت من جديد احتجاجات العاملين في قطاع النقل، الذين اتهموا الحكومة بأنها لم تنفذ برنامج الدعم بالشكل الصحيح الذي يضمن عدم ارتفاع أسعار الوقود في المغرب، بل إن الأمور زادت تعقيدًا مع بدء ضخ المرحلة الثالثة من الدعم، ولا سيما أن الأسعار قبل الدعم كانت أقل من ذلك.

وحمل شهر يونيو 2022 أزمة جديدة، مع ارتفاع أسعار البنزين والديزل إلى مستويات قياسية؛ حيث بلغ سعر البنزين 18 درهمًا (1.8 دولارًا)، بينما ارتفع سعر لتر الديزل إلى 16 درهمًا (1.6 دولارًا)، لتنفجر الأوضاع باحتجاجات جديدة، طالت منصات التواصل الاجتماعي.

ودعت عشرات المنصات في المغرب إلى حملة إلكترونية لرفض غلاء أسعار المحروقات في المغرب، تحت شعار “يوم دون سيارات”، طالبوا من خلالها بوقف استخدام السيارات في 24 يونيو الماضي، واستعمال الدراجات الهوائية ووسائل النقل العامة، للضغط على الدولة لمراجعة الأسعار.

انخفاض للمرة الأولى

يبدو أن الضغوط المجتمعية من أجل خفض أسعار الوقود في المغرب آتت أُكُلها في يوليو 2022، بعدما تراجعت أسعار الديزل والبنزين في مختلف مناطق المملكة بأكثر من درهم، حيث انخفض سعر البنزين إلى 14.89 درهمًا (1.45دولارًا) وسعر لتر البنزين إلى 14.97 (1.46 دولارًا).

وللمرة الثانية على التوالي، شهد شهر غشت 2022 تراجعًا لأسعار الوقود في المغرب، مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى أقل من 100 دولار للبرميل، حيث بلغ سعر لتر الديزل أقل من 14 درهمًا (1.34 دولارًا أميركيًا)، بينما انخفض متوسط سعر لتر البنزين إلى 14.68 درهمًا (1.41 دولارًا).

أسعار النفط والزيادات المتتالية

قرب انتهاء الربع الثالث من العام المنصرم 2022، بدأت أسعار النفط العالمية تتراجع بشكل ملحوظ، ولا سيما بعد الإجراءات التي اتخذها تحالف أوبك+ لخفض سقف الإنتاج بما يحفظ استقرار الأسواق العالمية وتوازنها.

ومع ذلك، لم يدُم الانخفاض طويلًا؛ فسرعان ما عادت أسعار الوقود في المغرب إلى الارتفاع في سبتمبر، ليصل سعر البنزين إلى 14.85 درهمًا (1.45 دولارًا) للتر، بينما بلغ سعر لتر الديزل نحو 15 درهمًا (1.46 دولارًا)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، واصلت الأسعار ارتفاعها في أكتوبر 2022، حيث بدأ سعر لتر الديزل يُباع في منتصف الشهر بنحو 16 درهمًا (1.56 دولارًا)، بينما بلغ سعر لتر البنزين 15.40 درهمًا (1.5 دولارًا)، بحسب رصد لموقع “غلوبال أويل برايس”.

وفي نوفمبر الماضي، سجّلت أسعار المحروقات في المغرب ارتفاعًا جديدًا، حيث بلغ متوسط سعر لتر الغازوال “الديزل” نحو 16.5 درهمًا (1.61 دولارًا أميركيًا)، بينما بلغ سعر لتر البنزين الممتاز الخالي من الرصاص 15.70 (1.53 دولارًا)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

حصار النفط الروسي

على الرغم من بدء تطبيق حظر النفط الروسي المنقول بحرًا في 5 ديسمبر الماضي؛ فقد حافظت أسعار النفط العالمية على استقرارها عند 83 دولارًا للبرميل، وتراجعت أسعار الوقود في المغرب بشكل قياسي؛ حيث بلغ سعر لتر البنزين نحو 14.5 درهمًا (1.41 دولارًا) وبلغ سعر لتر الديزل نحو 16 درهمًا (1.56 دولارًا).

وواصلت أسعار المحروقات في المغرب منحناها الهبوطي في يناير 2023، حيث تراجع سعر لتر الديزل إلى 14.60 درهمًا، كما تراجع سعر البنزين إلى 13.72 درهمًا (1.34 دولارًا)، وفق ما نشر موقع “هسبريس”.

وفي شهر فبراير، وهو المتمم لعام كامل من الحرب في أوكرانيا، عادت أسعار الغازوال “الديزل” والبنزين مجددًا إلى الارتفاع؛ حيث سجل سعر لتر الديزل 14.82 درهمًا (1.44 دولارًا)، وبلغ سعر لتر البنزين 13.99 درهمًا (1.36 دولارًا)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

يشار إلى أن أسعار الوقود في المغرب تشهد تحولات أكثر من مرة على مدار الشهر الواحد، ولكن هذه التحولات تخضع لتسعير من جانب الحكومة وأسعار بيع من جانب شركات التوزيع؛ الأمر الذي قد يخلق فروقًا بين أسعار البيع حسب المناطق.